للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

القول الثاني: إذا ثبتت رؤيته في مكان لزمهم حكم تلك الرؤية من فطر أو صوم، ولزم من يشاركهم في مطالع الهلال دون من لم يشاركهم، وهذا أقرب إلى الصواب إن لم يكن هو المتعين.

القول الثالث: أنه إذا كانت المسافة بين البلدين مسافة قصر فإنه لا يلزم للبلد الآخر، قالوا: لأن ما دون المسافة في حكم الحاضر وما وراءها في حكم المسافر، فإذا كان بين البلدين أقل من المسافة لزم البلد الثاني الصوم إذا رآه البلد الآخر، وإن كان بينهما مسافة قصر فلا.

والقول الرابع: أن الصوم والفطر تبع للعمل، أي: عمل ولي الأمر، فإذا كانت هذه المنطقة تبعًا لأمير معين فلها حكم واحد، وعللوا ذلك بألا يحصل الاختلاف بين من كانوا تحت إمرة واحدة؛ لأنه إذا حصل اختلاف بين من كانوا تحت إمرة واحدة حصل النزاع والتفرق.

والقول الخامس: أنه إذا كان بينهما قطر أو أقطار- يعني: إذا كانت منطقة كبيرة وليست بلد أي: تبع الأقطار والمناطق الكبيرة- فإنهم إذا كانوا في قطر واحد لزمهم الصوم، وإن لم يكونوا في قطر واحد فلكل قطر حكمه.

على كل حال: كل ما سوى القولين الأولين فهي أقوال ليست بتلك القوة، إلا أن يقال: إنه إذا كانوا تحت إمرة واحدة فإنه يلزم الصوم أو الفطر الحديث: "الصوم يوم يصوم الناس، والفطر يوم يفطر الناس، والفطر يوم يفطر الناس".

* فتكون الأقوال الرئيسية التي يمكن أن نعتبرها ثلاثة أقوال:

الأول: لزوم الصوم على جميع الناس.

والثاني: لزوم الصوم على من وافقهم في المطالع.

والثالث: لزوم الصوم إذا كانوا تحت إمرة واحدة الحديث: "الصوم يوم يصوم الناس".

ما هو عمل الناس اليوم؟ الغالب عمل الناس اليوم على الأخير، ولهذا تجد قريتين على الحدود بينهما أمتار قليلة قرية صامت وقرية لم تصم، وقرية أفطرت في العيد وقرية لم تفطر؛ لأن هذه تحت ولاية وهذه تحت ولاية بل نجد أنه أحيانا إذا حسنت العلاقات بين الدولتين اتفقتا، وإذا ساءت لم تتفقا، فيجعلون الحكم تبعًا للسياسة، وهذا شيء مشاهد علمنا به مباشرة بدون نقل.

على كل حال: القول الصحيح عندي هو ما اختاره شيخ الإسلام ابن تيمية؛ لأنه مؤيد بظاهر القرآن والسُّنة وبما روي عن الصحابة-رضي الله عنهم-.

من فوائد الحديث: أن هذه الشريعة- والحمد لله- لم تدع مجالًا للقلق والاضطراب، لقوله: "فإن غم عليكم فأكملوا العدة ثلاثين"، فإن هذا مما يريح الإنسان، يعني: لا تكن قلقًا، تقول: ربما هلَّ ولكنه تحت السحاب، وربما هلَّ ولكنه وراء الجبل، وربما هلَّ ولكنه حجبه

<<  <  ج: ص:  >  >>