ومن فوائد الحديث: جواز الحصر في المعلوم وإن كان يحتمل لوجوده سوى هذا المحصور لقوله تعالى: {قل لا أجد ... } الآية.
ومن فوائد الحديث: بلاغة القرآن؛ حيث لم يقل: قل ليس من المحرم إلا كذا وكذا, بل قال: {قل لا أجد في ما أوحي إلي .. الخ}.
ومن فوائد الحديث: تحريم هذه الأشياء الأربعة: وهي الميتة, والدم المسفوح, ولحم الخنزير, وما أهل لغير الله به.
ومن فوائد الحديث: أنه لا ينبغي للإنسان أن يرد المجهول ولا أن يقبله, بل يجعل الحكم معلقًا على ثبوته؛ أي: ثبوت الخبر عمن نقل إليه, ووجه ذلك: قول ابن عمر: إن كان النبي صلى الله عليه وسلم قال ذلك فهو كما قال, فإذا أخبرك إنسان مجهول فلا ترد الخبر ولا تقبله, بل الواجب التوقف, أما عدم رده فالاحتمال أن يكون صادقًا' وأما عدم قبوله فالاحتمال أن يكون كاذبًا, فيجب عليك التوقف وهذا هو الميزان العدل القسط؛ لأن الرد بدون مستند خطأ, والقبول بدون مستند خطأ أيضًا, فالواجب التوقف. فإذا قال قائل: هل تحكمون بصحة الحديث إذا لم يعرف هذا الشيخ المجهول؟
فالجواب: لا, ولهذا قال الحافظ ابن حجر: إن إسناده ضعيف لجهالة هذا الشيخ, وينبني على ذلك هل يثبت الحكم بالحل أو بالتحريم في القنفذ؟ يثبت الحل؛ لأنه إذا ضعف السند فإنه لا يحتج به, إذ لا يحتج إلا بالحديث الذي يكون حسنًا أو صحيحًا, أما ما كان ضعيفًا فلا. فإن قال قائل: إذا كرهه الإنسان كراهة طبيعية فهل له أن يمتنع منه؟
الجواب: نعم له ذلك, كما امتنع النبي صلى الله عليه وسلم من أكل الضب مع إباحته, ومن لا يهتم به ولا يكرهه فليأكله؛ لأن الحديث لم يصح في كونه من الخبائث, ولهذا كان بعض أهل العلم يرى حله, وكان العامة المقلدون لهؤلاء العلماء لا يستكرهونه أبدًا, ويرون أنه من جنس اليربوع وشبهه.
ومن فوائد الحديث: أن الخبائث محرمة, لاسيما إذا سيقت لبيان الحكم إن صح قوله: إنها خبيثة من الخبائث, ولكن هل نقول: كل خبيث محرم, أو نقول: كل محرم خبيث؟ الثاني؛ لأننا لو قلنا: كل خبيث محرم لكان التحريم عائدًا إلى أذواق الناس, وقد يستخبث قوم هذا الشيء ولا يستخبثه آخرون, ثم إن النبي صلى الله عليه وسلم بين أن شجرة البصل والثوم ونحوها خبيثة ومع ذلك فهي حلال.