أحوجنا إليه أن النبي (صلى الله عليه وسلم) قال في مكة: «لا تحل ساقطتها إلا لمنشد»، وعلى هذا فنقول: إن النهي عن لقطة الحاج لا لأنه حاج، ولكن لأنه بمكة، ويكون المراد النهي عن لقطة من في مكة.
هذا النهي هل هو للتحريم أو للكراهة؟ الصحيح أنه للتحريم، وأنه لا يجوز للإنسان أن يلتقط اللقطة في مكة إلا إذا كان يريد إنشادها ولا يريد أن يتملكها، لأن اللقطة في غير مكة يلتقطها الإنسان على أنه يشدها وبعد سنة يتملكها لكن في مكة لا يجوز أن يلتقطها إلا بنية أنه سينشدها دائماً.
فيستفاد من الحديث: تحريم التقاط اللقطة في مكة، ولكن لو قال قائل: ما الحكمة من ذلك؟
نقول: الحكمة أن هذا من باب احترام هذا المكان، لأن هذا المكان يجب أن يكون آمنا، أنظر إلى الشجر والحشيش في هذا المكان آمن لا يجوز لأحد أن يقطع شجره أو يحش حشيشه، الصيد آمن فإذا كان كذلك فأموال الآدميين يجب أن تكون آمنة، افرض أن أمامك الآن رزمة دراهم عشرة آلاف ريال وجدتها في السوق، نقول: لا تأخذها إلا إن كنت تريد أن تنشدها دائما، لماذا؟ لأنك إذا تركتها أنت وتركها من بعدك والثالث والرابع وهكذا، في النهاية يأتي صاحبها ويجدها.
ولكن إن قال قائل: لو أن الإنسان خاف أن يجدها شخص لا يعرفها يتملكها، فهل له أن يأخذها؟
نقول: له ولكن بشرط الإنشاد أو أن يعطيها الجهات المسئولة إن كان هناك جهات مسئولة مرتبة لاستقبال ما يلتقطه الناس، وهذا في الحقيقة بالنسبة لمكة أمر ينبغي أن تقوم الدولة به أي: بأن تضع لجنة مأمونة لاستقبال ما يلتقطه الناس في مكة، لأن هذا فيه حفظ للأموال، وفيه إزالة الحرج عن الناس، لأني أنا سأكون محرجًا إذا وجدت عشرة آلاف على الطريق إن أخذتها مشكل، وإن تركتها مشكل، فأبقى محرجا، لكن إذا علمت أن هناك جهة مسئولة تستقبل هذه الملتقطات، سهل علي أن آخذها وأوصلها إليها