مفسدة للقلوب؛ لن الإنسان إذا ابتلى بها انصرف قلبه عن الله، قال ابن القيم في النونية:
حبُّ الكتاب وحبُّ ألحان الغنا ... في قلب عبدٍ ليس يجتمعان
تجد المفتونين بالغناء- والعياذ بالله- أحيانًا يمشون أمامك وتجده يعزف بأصابعه يغني؛ إما بقلبه، وإما بلسانه، وقال الإمام أحمد: الغناء لا يعجبني ينبت النفاق في القلب، وروي عن بعض الصحابة مثله هذا القول، لأن الإنسان- والعياذ بالله نسأل الله تعالى أن يشفي قلوبنا وقلوبكم بذكره- إذ غفل عن ذكر الله تسلط عليه الشيطان، فالقلب إما حي نير بذكره الله تعالى، وإما مظلم ميِّت بغفلته عن الله ولا شك أن الإنسان إذا ابتلى بالمعازف والغناء أنه يصده عن ذكر الله حتى أن ابن مسعود فسر قوله تعالى" {ومن الناس من يشتري لهو الحديث ليضل عن سبيل الله بغير علمٍ ويتخذها هزوًا}[لقمان: ٦]. قال:((والله الذي لا إله غيره إنه الغناء))، فعلى هذا يتبين حكمة النبي صلى الله عليه وسلم في قرن هذه الأمور الأربعة بعضها ببعض؛ لأنها في الغالب متلازمة.
في هذا الحديث عدة فوائد: أولًا: أن فيه آية من آيات النبي صلى الله عليه وسلم من أين تؤخذ؟ من قوله:((ليكونن)).
ومن فوائده: تحريم الزنا.
ومن فوائده أيضًا: تحريم الحرير.
ومن فوائده: أن الحرير حرام على الرجال والنساء.
ومن فوائده: تحريم الخمر لقوله: ((يستحلون)) معناه: أن الخمر حرام، وهو واضح مجمع عليه.
ومن فوائده: تحريم المعازف.
ومن فوائده أيضًا: أن الدف حرام لأنه من المعازف، فإننا نأخذ بالدليل العام حتى يوجد مخصص.
لو قال قائل: إن الأشياء الأربعة حرام على الرجال، لأنه قال:((ليكونن أقوام))؟
فالجواب: أنها إذا أطلقت شملت الجميع.
ويستفاد من هذا الحديث: أن المستحلين لهذه الأشياء الأربعة كثيرون، يؤخذ من قوله:((أقوام))؛ لأنها جمع قوم، أصل القوم جماعة بمعنى جماعات.
المؤلف ساق هذا لحديث في هذا الباب ليبين تحريم نوع من أنواع اللباس وهو الحرير. قلنا: إن الحرير الأصلي هذا هو الحرام، والحرير الصناعي هل هو حلال أم حرام؟ حلال لدخوله في عموم قوله تعالى:{هو الَّذي خلق لكم مَّا في الأرض جميعًا}[البقرة: ٢٩]. ولكن مع ذلك ينبغي للرجل ألا يلبسه لسببين: