للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

بـ ((أنها لهم في الدنيا ولكم في الآخرة))، فهذه الميزة بين المسلمين والكفار، هؤلاء يتمتعون بها في الآخرة، والكفار يتمتعون بها في الدنيا، فهي ليست من أواني من يتقي الله عز وجل، مثل ما ذكر الرسول صلى الله عليه وسلم في الحرير: ((إنه لباس من لا خلاق له)). وقال: ((إن هذا لا ينبغي للمتقين)).

قال: ((وعن لبس الحرير)) هذا الشاهد لبس الحرير، والحرير تقدم لنا أنه نسج دود القز؛ هذا الحرير الطبيعي.

((والديباج)) وهو نوع من الثياب يكون لحمته من الصوف والقطن أو نحو ذلك، ويكون سداه من الحرير؛ يعني: تجده مثلًا أشجاره حرير لكن أصل الثوب ولحمته كلها من صوف أو قطن؛ أو ما أشبه ذلك، ولكن سيأتينا- إن شاء الله تعالى- أن الديباج المراد به: ما كان أكثر ظهورًا في الثوب، أو ما كان مجتمعًا في مكان واحد أكثر من أربعة أصابع يعني معناه أنه إذا وجد حرير مع غيره من المباح إن كان الحرير هو الأكثر ظهورًا فهو حرام، وإن كان ليس أكثر ظهورًا بل الأكثر الآخر ويكون مجتمعًا في مكان أكثر من أربعة أصابع فهو حرام، فمثلًا الثوب الموشي بالحرير إذا كان ظاهره من الحرير أكثر يكون حرامًا اعتبارًا بالأكثر، وإن كان ليس فيه نقطة أو نقطتين أو ثلاثة متفرقة والأكثر خلاف الحرير، فإن ذلك يكون مباحًا.

وقوله: ((وأن نجلس عليه)) حتى وإن لم نلبسه، فقوله: ((عن لبس الحرير والديباج))، هذا يستثنى منه النساء كما سيأتي- إن شاء الله تعالى- لحاجتهن إلى التزين والتجمل لأزواجهن، وفي الحقيقة: أن الرخصة في لبس الحرير للنساء كما هو مصلحة للمرأة فهو مصلحة للزوج أيضًا، فيكون مصلحة للرجال وللنساء، لكن لما كانت المرأة أحق أن تتزين بمثل هذه الثياب صار حلالًا في حقها دون الرجل.

وقوله: ((أن نجلس عليه)) هل هذا خاص بالرجال أو عام للرجال والنساء؟ فيه خلاف فقال بعض أهل العلم: إنه للرجال والنساء، وأن المرأة إنما أبيح لها أن تلبس الحرير للتجمل، والفراش منفصل عنه، فلا فرق بينها وبين الرجل في عدم حاجتها إلى الفراش من الحرير، وقال بعض العلماء: بل إنه خاص للرجال وأن للنساء أن يجلسن على الفرش من الحرير لعموم الحدي؛ ولأن الجلوس يسمى لبسًا، كما في حديث أنس: ((قمت إلى حصير لنا قد أسود من طول ما لبس)). في إحدى الروايات وفي بعض ألفاظه: ((من طول ما لبس))، لكن على اللفظ الأول يكون الجلوس على الشيء نوعًا من اللباس، فمن نظر إلى عموم اللفظ في حل الحرير للنساء قال:

<<  <  ج: ص:  >  >>