التي لا تزيد ولا تنقص وهو متغطٍّ بلحافه، فإذا كانت هذه حال الروح في الدنيا فما بالك بحالها في الآخرة.
قال:((وأفسح له في قبره ونوِّر له فيه)) القبر ظلمة من حيث الحس ظلمة محتومة على الإنسان، لكن يقول:((ونور له فيه)) اجعل له فيه نورًا، إذا كان القبر فسيحًا، ونورًا فإن ذلك ينسي الدنيا كلها.
قال:((واخلفه في عقبه)) أي: كن خليفته في عقبه؛ أي: فيمن عقب من زوجة وولد، لننظر هذه الدعوات العظيمة من رسول الله صلى الله عليه وسلم هل قبلت أم ردّت. نحن نعلم منها أن ما وقع وهو أن الله خلفه في عقبه، أتدرون من كان خليفته في عقبه؟ رسول الله صلى الله عليه وسلم، وهذا أعظم خلافة أن يكون زوجته وأولاده تحت رعاية النبي صلى الله عليه وسلم، نحن نقول: إن بقية الجمل الأربع إنما نرجو من الله عز وجل أنه استجاب دعاء رسوله صلى الله عليه وسلم، لا سيما وأن الملائكة في مثل هذه الحال تؤمِّن على ما يقول، فاجتمع دعاء الرسول صلى الله عليه وسلم وتأمين الملائكة والقرينة التي شاهدناها أو التي علمناها، وهي أنه خلفه في عقبه، فيكون كل هذا مما يؤيد أن الله استجاب دعاء رسوله صلى الله عليه وسلم لهذا الرجل.
في هذا الحديث فوائد، منها: أن من عادة رسول الله صلى الله عليه وسلم عيادة المرضى؛ لأنه جاء إلى أبي سلمة عائدًا له.
ثانيًا: أنه ينبغي تغميض عين الميت، الدليل: أنَّ الرسول صلى الله عليه وسلم أغمضه.
ثالثًا: أن الروح جسم مرئيٌّ لأن البصر أتبعه.
رابعًا: أنه قد يبقى الإحساس في البدن مع مفارقة الروح له؛ لأن البصر يتبع الروح بعد قبضه وهذا من الناحية الطبية الآن مشاهد، وأنا قد ذبحت دجاجة وبعد أن ذبحتها وماتت وسلخت جلدها وفككت صدرها وجدت أن قلبها ينبض، القلب له جهتان: جهة تدفع الدن وجهة تستقبله.
ومن فوائد الحديث: أنه ينبغي في هذه الحال ألا يدعى إلا بخير لقوله: ((لا تدعوا على أنفسكم إلا بخير)).
ومن فوائده: أنه لا يلام الأهل إذا ضجوا من موت الميت؛ لأن الرسول صلى الله عليه وسلم أقرّهم، لم يقل: لا تضجوا، بل قال:((لا تدعوا على أنفسكم إلا بخير)).
ومن فوائده:((إثبات الملائكة لقوله: ((فإن الملائكة يؤمِّنون)).
ومن فوائده: عناية الله تعالى ببني آدم، حيث وكّل ملائكة يتابعونهم ويؤمِّنون على دعائهم، ومن الملائكة؟ الملائكة: عالم غيبي خلقهم الله عز وجل، من نور، وأعطاهم الله تعالى قوة في الإرادة وقوة في التنفيذ، {لَّا يعصون الله مآ أمرهم ويفعلون ما يؤمرون}[التحريم: ٦]. {يسبّحون الليل