وفيه: حسن تعليم الرسول (صلى الله عليه وسلم)؛ حيث ذكر الحكم مقرونًا بعلته لما فيه من الفوائد، من ذلك- وقد سبقت لنا: بيان سمو الشريعة، وأن أحكامها مقرونة بالحكمة وطمأنينة المكلف.
فإذا قال قائل: المؤمن مطمئن لحكم الله سواء ذكرت العلة أو لم تذكر.
قلنا: ولكن ليزداد طمأنينة؛ لأن الإنسان كلما أتته البراهين ازداد قوة ويقينًا، فليس الخبر كالمعاينة.
وأما الفائدة الثالثة: فهو القياس على ما شارك هذا في العلة، مثال ذلك قوله تعالى:{قل لا أجد في ما أوحى إلى محرمًا على طاعم يطعمه إلا أن يكون ميتة أو دمًا مسفوحًا أو لحم خنزير فإنه رجس}[الأنعام: ١٤٥]. قوله:{فإنه رجس} يستفاد منه تحريم كل ما كان رجسًا أي: نجسًا، وعلى هذا فيلزم من كون الشيء نجسًا أن يكون حرامًا، ولا يلزم من كون الشيء حرامًا أن يكون نجسًا كما سبق.
حكم تغسيل الرجل لزوجته والعكس:
٥٢٥ - وعن عائشة رضي الله عنها أن النبي (صلى الله عليه وسلم) قال لها: "لو مت قبلي لغسلتك" الحديث رواه أحمد، وأبن ماجه، وصححه ابن حبان.
"لو" هذا شرطية غير جازمة، ولكنها شرطية فيها شرط وجوابه، وقلوه:"مت أو مت" يجوز الوجهان، إن كانت من مات يميت فهي مت، وإن كانت من مات يموت فهي مت، وإن كانت من مات يموت فهي مت، وهما لغتان في هذا الفعل.
وقوله:"لغسلتك" هذا جواب الشرط، يعني: أن الرسول (صلى الله عليه سولم) خاطب عائشة بهذه الجملة بأنها لو ماتت قبلها لغسلها، قال ذلك نم باب التحبب يعني: أنه يتولاها - عليه الصلاة والسلام- حتى بعد مماتها فغيسلها هو بنفسه.
وأتى المؤلف بهذا الحديث في كتاب الجنائز لفائدة- وهي الشاهد- جواز تغسيل الرجل زوجته، وجه الدلالة من الحديث: أنه قال: "لو مت قبلي لغسلتك"، ولو كان حرامًا ما غسلها، فيستفاد من الحديث هذه الفائدة وهي محل الشاهد.