الصلاة على أبني بيضاء، وعلى هذا فتكون الصلاة عليهما في نفس المسجد.
وهي ذكرت ذلك، لأن من الناس من أنكر الصلاة على الميت في المسجد في عهد النبي (صلى الله عليه وسلم) وكذلك بعده، وقالوا: لا يمكن أن يصلى على الجنائز في المساجد، لماذا؟ قالوا: لأنه يخشي من التلويث فقد يخرج من لا ميت شيء في أثناء حمله وتنزيله فيلوث المسجد فحينئذ من التلويث فقد يخرج من الميت شيء في أثناء حمله وتنزيله فيلوث المسجد، فحينئذ لا يصلى عليه في المسجد، نصلى عليه في مكان معد الصلاة على الأموات؛ ولهذا احتاجت أم المؤمنين (رضي الله عنها) إلى أن تؤكد ذلك بالقسم، فقالت:"والله لقد".
وقولها:"على أبني بيضاء في المسجد" الذي في مسجد الرسول (صلى الله عليه وسلم) أما الجنائز؟ كلهم هذا هو المتبادر من الحديث وهذا الذي من أجله ساقت الحديث، الصلاة على الجنازة، والجنازة في المسجد.
والعجيب: أن الذين منعوا الصلاة على الميت في المسجد قالوا: إن "في المسجد" ظرف لصلاة الرسول لا للمصلى عليه، الجنائز خارج باب المسجد والرسول في المسجد، ولا شك أن هذا خلاف ظاهر اللفظ وخلاف ما ساقت أم المؤمنين الحديث من أجله، وهو إثبات ما كان ينكره بعض الناس من الصلاة على الأموات في المساجد، ولكن هذه البلية- وهي كون الإنسان يعتقد أولاً ثم يستدل- ابتلى بها كثير من الناس، إذا اعتقد أولاً ثم استدل ثانيًا، حرف بذلك النصوص من أجل أن يوفق ما يعتقده، سواء مذهبه أو فكره، وهذه بلية عظيمة، ولهذا يجب أن يكون الإنسان مع الأدلة، أن يكون كمن لا يعرف الطريق مع الماهر في الطريق، إذا ذهبت مثلاً إلى مكة وأنت لا تعرف الطريق ومعك دليل يدل إذا قال: امش إلى كذا، هل تقول: لا وتخالفه؟ لا تخالفه أبدًا، وإنما تسلم له تمامًا، وتكون كما يقول العوام:"حط رأسك في الجلص" يعني: السطل، والمعنى: أنك لا تبصر شيئًا هذا المراد، فهذا الإنسان الذي قد تم تحكيمه للكتاب والسنة ما يعتقد شيئًا إلى تبعًا للدليل، فإذا جاء الدليل على خلاف ما كان يعتقده قال: سمعًا وطاعة، ومشى مع الدليل وترك ما يعتقده، وكذلك لو جاء دليل مخالف لمن يقلده من الأئمة قال: مرحبًا بالدليل، وترك التعصب ومشي على ما يقتضيه الدليل.
ويستفاد من الحديث: جواز اليمين على الفتوى، إذا اقتضت الحاجة ذلك:{ويستنبئونك أحق هو قل أي وربي إنه لحق}[يونس: ٥٣]{ويستنبئونك} يعني: يطلبون منك النبأ والخبر، هذا الاستفتاء، بناء على ذلك يجوز للمفتى أن يحلف على الفتوى، ولكن هل يحلف على كل شيء أو لا يحلف إلا إذا علم أن هذا هو الحكم أو غلب على ظنه؟ الجواب: لا يحلف إلا إذا علم أن هذا هو الحكم أو غلب على ظنه أن ذلك هو الحكم فيجوز، ولاسيما عند عظم المفتى به أو عند تشكك المستفتي ليطمئنه.