لعل قائلًا يقول: على من تكون أجرة التعريف؟ فيها ثلاثة أقوال: المذهب أنها على الواجد؛ لأن الرسول قال:"عرّفها" فوجّه الخطاب إليه، فأنت المسئول عن تعريفها.
وقال بعض العلماء: يكون على بيت المال؛ لأن هذا لمصلحة عامة.
وقال بعض العلماء: يكون على صاحبها إن وجد، فإن لم يوجد أخذه الواجد من قيمة اللقطة والباقي له؛ هذا القول أصح؛ لأن تعريفي إياه وإن كان امتثالًا لأمر الرسول صلى الله عليه وسلم ولكن لمصلحة صاحبها فيكون عليه.
يقول النبي صلى الله عليه وسلم:"وإن وجدته في قرية غير مسكونة ففيه وفي الركاز الخمسة""فيه" أي: في هذا الكنز، "وفي الركاز الخمس" والباقي لواجده، وفي هذا دليل على أن الركاز غير الكنز، فإن الكنز قد يكون ظاهر، والركاز غالبا يكون مدفونا.
٥٩٥ - وعن بلال بن الحارث رضي الله عنه:"أنَّ رسول الله صلى الله عليه وسلم أخذ من المعادن القبليَّة الصَّدقة". رواه أبو داود.
"المعادن" جمع معدن، وهو ما يستخرج من الأرض لا من جنسها، ولا من النبات، فقولنا هذا:"لا من جنسها" خرج به ما يستخرج من الأرض من جنسها مثل: الحجارة وما أشبه ذلك، مما هو من جنس الأرض فليس هذا من المعدن، "ولا من النبات" خرج به النبات فليس بمعدن، فالذهب معدن، والحديد، والفضة، والرصاص، والنحاس، والزئبق، الآن نقول: المعادن الرسول أخذ منها الصدقة ففيها إذن الصدقة؛ لأن الرسول صلى الله عليه وسلم أخذ منها، ولكن هل تجب في كل المعادن، أو نقول: إن كان المعدن مما تجب الزكاة في عينه كالذهب والفضة ففيه الصدقة، وإن كان مما لا تجب في عينه كالنحاس والرصاص وما أشبهه فإن قصد به التجارة فهو عروض تجارة وإلا فلا شيء فيه؟
اختلف العلماء في ذلك؛ فمنهم من قال: إن الزكاة واجبة فيه بكل حال، لأنه خارج من الأرض بدون مؤنة شاقة فيشبه الزرع.
ومنهم من قال: إن المعدن جوهر مستقل ليس من جنس الأرض، فيرجع فيه إلى الأصل، والأصل عدم وجوب الزكاة إلا بدليل، ولا يوجد دليل على وجوب الزكاة في غير الذهب والفضة إلا إذا كان عروضًا، وهذا ليس عروضًا، والاحتياط أن يخرج الإنسان زكاة المعدن مطلقًا لأن هذا هو ظاهر الحديث، ولأنه يشبه الحبوب والثمار تجب فيها الزكاة، وإن لم تكن ذهبا ولا فضة ولا تجارة.