مختلفتين، "أمر أن تؤدى"، أي: توصل إلى مستحقها، وقبل خروج الناس إلى الصلاة، أي: صلاة العيد فـ"أل" هنا للعهد الذهني: لماذا؟ لأنه لم يسبق لها ذكر هنا.
من فوائد الحديث، أولًا: أن زكاة الفطر فرض واجب لقوله: "فرض رسول الله".
ثانيًا: أن هذه الزكاة لا تصح إلاّ في آخر الشهرة لأنه هو وقت الفطر، فلا تصح في أول الشهر خلافا لمّا ذهب إليه بعض أهل العلم، وقال: إنها لا تصح معللًا ذلك بأن الصيام سبب، والفطر شرط، والقاعدة أنه:"يجوز تقديم الشيء بعد وجود سببه قبل وجود شرط"، مثل: يجوز تقديم الكفارة بعد اليمين، وقبل الحنث، لكن الصحيح أن الفطر سبب، وليس بشرط.
ومن فوائد الحديث: أن مقدارها صاع لقوله: "فرضها صاعًا"، فلو نقصت عن الصاع لم تجزى، وهذا للقادر، معلوم أن القادر على دفع الصاع لو لم يدفع إلا نصف صاع لم يجزئ، ولكن إذا كان عاجزًا عن دفع الصاع فهل يدفع ما قدّر عليه منه؟ في هذا خلاف بين أهل العلم- رحمهم الله-:
فمنهم من قال: إذا لم يستطع الصاع دفع ما قدر عليه لقوله الله تعالى: {فاتقوا الله ما استطعتم}[التغابن: ١٦]. ولأن بعض الصاع ينتفع به الفقير، فكان دفع بعضه له معنى.
ومنهم من قال: إن هذه عبادة مقدرة بقدر معين إذا عجز عن هذا القدر سقطت عنه، لأنها إذا لم تتم على الوصف المطلوب شرعًا فإنها لا تصح، ولكن الصحيح الأول، لعموم قوله تعالى:{فاتقوا الله ما استطعتم}، ولأننا نقول: لو عجز عن الوضوء كاملًا في كل أعضائه لتوضأ بما يقدر عليه؛ ولأننا نقول أيضًا: لو عجز عن الركوع والسجود صلى الصلاة وأومأ بالركوع والسجود- هذه هي القاعدة الشرعية-؛ ولأننا نقول: إن دفع البعض فيه منفعة فإذا جاء الفقير بنصف صاع من هذا ونصف صاع من آخر لكان عنده صاع.
ومن فوائد الحديث: أنه يدفع- أي الصاع- من التمر والشعير لقوله:"صاعًا من تمر أو شعيره" وهل هذا التعيين من رسول الله صلى الله عليه وسلم لأنه هو الغالب، وما خرج مخرج الغالب فلا مفهوم له، أو أن النبي صلى الله عليه وسلم قصد عينه؟ المشهور من المذهب الثاني، وأن الشارع قصد عين هذا الجنس من الطعام، وعلى هذا فيدفع هذا الجنس من الطعام، وإن لم يكن طعامًا للناس وقت الدفع، "التمر" عند الناس الآن طعام، "الشعير" ليس طعامًا للآدمي، فهل نقول: إن تعيين الرسول صلى الله عليه وسلم يقتضي أنه مجزئ مطلقًا، أو نقول: إن الرسول صلى الله عليه وسلم عينه كمثال للطعام؟ لأن هذا. هو الأغلب، والمعروف عند الأصوليين أن القيد الأغلب لا مفهوم له، كما في قوله تعالى:{وربابكم التي في حجوركم}[النساء: ٢٣]. فإن الربيبة وإن لم تكن في الحجر فإنها محرمة على زوج أمها، الظاهر المعنى الثاني؛ أي: أن هذا على سبيل المثال؛ لأنه الغالب،