ومن فوائد الحديث: أنه يشترط لقبول العبادات موافقة الشرع لقوله: "فمن أدَّاها قبل الصلاة ... " إلخ. وهذا له قاعدة مرت علينا فيما سبق، وهى: أن الأعمال تنقسم إلى مقبول وغير مقبول، وأن المقبول: ما وافق الشرع، مر علينا أنه يشترط لكل عبادة أن تكون موافقة للشرع في ستة أشياء وهي تقسيم الأعمال إلى مقبول ومردود لقوله:"فهي زكاة مقبولة".
ومنها أيضًا: أن الإنسان إذا نوى عبادة نية مرتبة من أمرين فبطل أحد الأمرين بقي الآخر. الآن هذا الرجل أدى زكاة الفطر بعد صلاة العيد يريد أن تكون صدقة فطر لغي كونها صدقة فطر فبقي وصف الصدقة، فصارت صدقة من الصدقات، وقد أخذ العلماء من ذلك قاعدة- من جملة الضوابط والقواعد- فقالوا: وينقلب نفلًا ما بان عدمه؛ يعني: ما بان عدم فريضته فينقلب نفلًا.
مثل: أن يؤدي زكاة ما لا يظن أنه قد بلغ النصاب فلم يبلغ النصاب، فتكون نفلًا صدقة من الصدقات.
ومثل: أن يصلي فيتبين أنه صلى قبل الوقت فتكون نفلًا ولا تنفعه.
ومثل هذا الحديث:"من أدّاها بعد الصلاة فهي صدقة من الصدقات"، إذن ينقلب الفرض نفلًا ما بان عدمه، أي: إذا تبين أنه لا يمكن أن يكون فرضًا فإنه يكون نفلًا.
ومن فوائد الحديث: تحريم تأخير زكاة الفطر إلى ما بعد الصلاة، وجهه: أنها لا تقبل بعد الصلاة، فإذا لم تقبل لم يكن قائمًا بالفرض، وإذا لم يكن قائمًا بالفرض صار آثمًا، وصار ذلك حرامًا عليه، ولكن الفقهاء الذين قالوا: إنها تقبل بعد صلاة العيد في يومه، وتكون مكروهة، وبعد يوم العيد تكون حرامًا، فعندهم: أن وقت الدفع يكون واجبًا، وجائزًا، وحرامًا، ومكروهًا تجب قبل صلاة العيد، ويستحب يوم العيد قيل الصلاة، ويجوز قبل العيد بيوم، ويكره في يوم العيد، ويحرم بعده، فعندهم أن إخراج زكاة الفطر تجزئ فيه الأحكام الخمسة، والصواب: أنه ليس فيه إلا جائزًا ومستحبًا فقط، وأن ما بعد الصلاة فحرام سواء في يوم العيد أو قبله.
ويستفاد من الحديث: سمو الشريعة، وأنها لا توجب الشيء إلا لحكمة لتبيينه العلة في وجوب زكاة الفطر.
هل يؤخذ من هذا الحديث: وجوب إطعام الجائع، لقوله:"فرضها طعمة للمساكين؟ " إذا كانت العلة موجبة للفريضة صارت عامة، فكل ما احتاج الفقراء إلى طعام وجب علينا إطعامهم، وهل هو فرض عين أو فرض كفاية؟ إذا وجد شخص يطعم هؤلاء المساكين الجياع فإنه لا يجب علينا إطعامهم، لأنه فرض كفاية.