للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

قاعًا صفصفًا * لا ترى فيها عوجًا ولا أمتًا} [طه: ١٠٧]. وكل ما على الدنيا سيزول: {إنا جعلنا ما على الأرض زينة لها لنبلوهم أيهم أحسن عملًا * وإنا لجاعلون ما عليها صعيدًا جرزًا} [الكهف: ٧، ٨]. صعيدًا خاليًا فيه نبات، ولا أشجار، ولا بيوت، ولا شيء.

إذن هل على الأرض شيء يستظل به؟ لا، والشمس تدنو من الخلائق في ذلك اليوم قدر ميل قريبًا من رءوسهم، وستكون حارة، لكن من وقاه الله- سبحانه وتعالى- وقاه، فهؤلاء السبعة يظلهم الله في ظله يوم لا ظل إلا ظله، فذكر الحديث ولم يسقه المؤلف رحمة الله لأنه إنما يريد الشاهد فقط، ولكن لا حرج أن نستعرضه:

الأول: "إمام عادل" فهذا يظله الله في ظله يوم لا ظل إلا ظله، وإنما نال هذا الأجر وغيره من أهل العدل لا ينالونه؛ لأن عدل الإمام دال على أن عدله أمر ذاتي وخلقة وليس تخلقًا؛ لماذا؟ لأن الإمام ليس أحد فوقه لو جار لا يعارض، فعدله دليل على حسن طويته وكمال نيته، وما نوع العدل في الإمام؟ نوع العدل في الإمام يكون في نوع الحكم، ويكون في المحكوم له، ويكون في المحكوم عليه، أمّا نوع الحكم فالعدل فيه أن يكون مبنيًا على كتاب الله وسنة رسول الله صلى الله عليه وسلم لقوله تعالى: {وتمت كلمت ربك صدقًا وعدلًا} [الأنعام: ١١٥]. وأمًا في المحكوم له فألا يراعى في الإلزام بالحق قرابة، ولا شريفًا، ولا صديقًا، ولا قويًا، ولا عزيزًا، بل يكون حاكمًا بينه وبين الناس بالعدل لا يمنح القريب شيئا من أموال الدولة دون البعيد، لا يمنح الوزير، أو غيره من الأعيان شيئًا دون الآخرين، بل يجعل الناس على حد سواء، كذلك في المحكوم عليه لا يحمله بغض هذا الشخص على أن يحكم عليه؛ لأن بعض الناس إذا أبغض شخصًا- والعياذ بالله- ثم مثل بين يديه في حكومة يحكم عليه، ولهذا قال الله- سبحانه وتعالى-: {* يأيها الذين أمنوا كونوا قوامين بالقسط شهداء لله ولو على أنفسكم أو الوالدين والأقربين} [النساء: ١٣٥].

وقال عز وجل: {يأيها الذين أمنوا كونوا قوامين لله شهداء بالقسط ولا يجر منكم شنئان قوم على ألا تعدلوا} "شنئان" بمعنى: بغض. {على ألا تعدلوا هو أقرب للتقوى} [المائدة: ٨].

وقال تعالى: {ولا يجر منكم شنئان قوم على ألا تعدلوا} [المائدة: ٨]. يعنى لا يحملنكم صدكم عن المسجد الحرام على العدوان بل الزموا العدل.

"وشاب نشأ في طاعة الله" يظله الله في ظله يوم لا ظل إلا ظله، وإنما كان له هذا الأجر العظيم؛ لأن الشباب عادة يكونون غير مستقيمين إلا من هداه الله، فإذا نشأ في طاعة الله وألفها وأحبها وأقامها، نال هذا الأجر العظيم، الشاب من البنوة إلى الثلاثين، وقيل: إلى الأربعين، ولكن يوجد بعض الناس يصل إلى الثلاثين وهو شاب، وإذا جاوز الثلاثين انحرف ويوجد من ليس كذلك، المهم أن الشاب وهو صغير السن هو الذي نشأ في طاعة الله.

<<  <  ج: ص:  >  >>