غسلها لقول النبي صلى الله عليه وسلم:"هلك المتنطعون - قالها ثلاثا-"؛ ولإنكاره على الذين واصلوا متشددين في صيامهم، فيمكن أن يقال: حتى وإن مسح على رأسه مع الغسل فإنه لا يجزئ؛ لأنه من باب التنطع، والتنطع هلاك.
قال: وعن عبد الله بن عمرو - رضي الله عنهما- في صفة الوضوء- قال:"ثم مسح برأسه وأدخل إصبعيه السباحتين في أذنيه، ومسح بإبهامه ظاهر أذنيه" هذا يبين صفة المسح - مسح الأذنين-.
هل يمسح الأذنان؟ الجواب: نعم، يمسح الأذنان مع الرأس لأنهما منه، ولكن كيفية ذلك أن يدخل السباحتين في الأذنين، والسباحتان هما السبابتان، والسبابتان هما ما بين الإبهام والوسطى، سميتا بذلك؛ لأن الإنسان يشير بهما عند التسبيح وعند السب والشتم.
وقوله:"في أذنيه" يعني: في ثقب الأذنين، واختيرت السباحة؛ لأنها هي التي يشار بها عادة ويعمل بها عادة، فلذلك خصت من بين سائر الأصابع.
وقوله:"ومسح بإبهامه ظاهر أذنيه" الإبهامان معروفان، وظاهرهما يعني: ظاهر الأذنين، وهما الجهة التي تلي الرأس، وأما الغضارين فلا يجب مسحها وإنما المسح خاص بالصماخ وظهور الأذنين فقط.
ففي هذا الحديث دليل على مشروعية مسح الأذنين، والصحيح أن مسحهما واجب؛ لأنهما من الرأس، وفيه أيضا: بيان كيفية مسح الأذنين وهو أن يدخل الإنسان السبابتين في صماخيهما ويمسح ب‘بهامه ظاهرهما.
ومن فوائد هذا الحديث: أنه لا يشرع تكرار مسح الأذنين؛ لأن الحديث ليس فيه التكرار، وقد ذكرنا فيما سبق في مسح الرأس، أنه إنما يمسح مرة واحدة، وكذلك الأذنان؛ لأنهما ملحقان به، ويشبه إلحاق الأذنين بالرأس إلحاق الأنف بالجبهة في السجود، يعني: فهما ليسا عضوين مستقلين لكنهما عضوان تابعان للرأس فيجب مسحهما كمسح الرأس.
٣٣ - وعن أبي هريرة رضي الله عنه قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: "إذا استيقظ أحدكم من منامه فليستنثر ثلاثا، فإن الشيطان يبيت على خيشومه". متفق عليه.
"استيقظ": أي صحى من النوم، وقوله:"من نومه" لم يقيد بنوم ليل أو بنوم نهار، ولكن قوله:"فإن الشيطان يبيت" يفيد أن المراد بالنوم هنا: نوم الليل، وسيأتي الكلام عليه في الفوائد إن شاء الله.