ثم الرابعة:{يأيها الذين ءامنوا إنما الخمر والميسر والأنصاب والأزلام رجسٌ من عمل الشيطان فاجتنبوه لعلكم تفلحون}[المائدة: ٩٠].
ما منزلة الصيام من الدِّين؟ صام النبي صلى الله عليه وسلم تسع رمضانات إجماعًا هذان إجماعان فرض في السَّنة الثانية وصام النبي تسع رمضانات بالإجماع.
٦٢٠ - وعن عمَّار بن ياسر رضي الله عنه قال:"من صام اليوم الَّذي يشكُّ فيه، فقد عصى أبا القاسم صلى الله عليه وسلم". ذكره البخاريُّ تعليقًا، ووصله الخمسة، وصحَّحه ابن خزيمةً وابن حبَّان.
أولًا: هذا الحديث ذكر المؤلف رحمه الله أن البخاري رواه معلقًا وأن الخمسة- وهم: أحمد وأبو داود، والترمذي، والنسائي، وابن ماجه- رووه موصولا، والبخاري إذا علَّق الخبر بصيغة الجزم كان عنده صحيحًا.
ثانيًا: هذا الحديث هل هو من المرفوع أو من الموقوف؟ هو من المرفوع حكمًا وليس من المرفوع صريحًا؛ لأن المرفوع صريحًا هو الذي ينسب إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم، فيقال فيه: قال رسول الله، أو فعل رسول الله، أو فعل كذا بحضرته، وأما إذا قال الصحابي: رخص لنا، أو أمرنا، أو نهينا، أو ما أشبه ذلك فهو مرفوع حكمًا، يعني: له حكم الرفع، ولكن ليس بصريح، يعني: أنه لا يجوز أن نقول: نهى رسول الله صلى الله عليه وسلم وننسب النهي إليه على سبيل أنه هو الذي نهى صراحة، ولكن نقول: إن هذا في حكم النهي؛ ذلك لأن الصحابي إذا قال:"عصى" فمعناه: أنه فهم أن الرسول صلى الله عليه وسلم نهى عن ذلك سواء بصيغة النهي أو بصيغة ذكر العقوبة أو ما أشبه ذلك، ولهذا نحن نتحرز لا نقول:"نهي"؛ إذ يجوز أن الرسول- مثلًا- ذم من صام اليوم الذي يشك فيه ذمًّا، والذم لا يصلح أن نقول أنه نهي ويجوز أنه صلى الله عليه وسلم رغَّب في تركه مثلًا ترغيبًا بالغًا بحيث يفهم من هذا الترغيب النهي عن فعله.
قوله: ومن صام اليوم الذي يشك فيه"، ما هو اليوم الذي يشك فيه؟ اليوم الذي يشك فيه هو الذي لا يدرى أمن رمضان هو أم من شعبان؟ ما ندري، فما هو اليوم الذي يمكن أن يقع فيه الشك؟ هو يوم الثلاثين، لكن متى يكون شكًّا اختلف العلماء في ذلك، فمنهم من قال: يكون شكًّا إذا كانت السماء صحوا ولم ير الهلال، فهو شك لاحتمال أنه قد هلَّ ولم نره.
ومنهم من قال: إن يوم الشك هو يوم الثلاثين- وهذا بالاتفاق- إذا حال دون رؤية الهلال