أو أصابع الرجل أو الجميع؟ ظاهر الحديث أنه الجميع، يخلل أصابع اليدين ويخلل أصابع الرجلين، لكنه في الرجلين أوكد؛ لأن تلاصق الأصابع في الرجل أشد من تلاصقها في اليد. وقوله: "بالغ في الاستنشاق" الاستنشاق هو: جذب الماء بنفس إلى داخل الأنف إلا أن تكون صائما؛ يعني: فلا تبالغ في الاستنشاق حذرا من أن ينزل الماء من الأنف إلى المعدة فيكون هذا سببا للإفطار.
ففي هذا الحديث فوائد منها: وجوب إسباغ الوضوء هذا إذا قلنا الإسباغ بمعنى الشمول والتعميم، وأما إذا قلنا أسبغوا، أي: ائتوا به كاملا فإنه يجب فيما فيه التعميم ويستحب فيما فيه الكيفية.
ومن فوائد هذا الحديث: حرص النبي صلى الله عليه وسلم على إتمام الوضوء، وعلى أنه لا ينبغي التهاون به.
ومن فوائده: أنه إذا كان الإنسان مأمورا بإسباغ الوضوء وهو من شروط الصلاة؛ فإكمال الصلاة من باب أولى؛ يعني: إذا كنا مأمورين بأن نحرص على شروط الصلاة ونعتني بها فالصلاة من باب أولى، فيكون فيه إشارة إلى أنه يجب الاعتناء بالصلاة.
ومن فوائد هذا الحديث: الأمر بتخليل الأصابع، وهل الأمر للوجوب؟ في هذا تفصيل إن كانت متلاصقة جدا بحيث لا يصل الماء إلى ما بينها فالتخليل واجب، وإن كانت متسعة فالخليل ليس بواجب.
فإن قال قائل: وهل للتخليل صفة مشروعة أو هو مطلق خلل بأي إصبع شئت، وعلى أي كيفية شئت؟
فالجواب: أن ألأمر واجب، ولكن بماذا تبدأ؟ نقول: ابدأ بالخنصر بالنسبة لليمنى، ثم البنصر ثم الوسطى، ثم السبابة، ثم الإبهام. بالنسبة لليسرى تكون بالعكس يبدأ بالإبهام إلى الخنصر.
ومن فوائد هذا الحديث: مشروعية المبالغة في الاستنشاق لقوله: "بالغ في الاستنشاق" إلى حد يصل إلى احتمال نزول الماء إلى المعدة، دليل أن هذا حد المبالغة: الاستثناء في قوله: "إلا أن تكون صائما".
ومن فوائد الحديث: أن ما وصل إلى المعدة من الشراب عن طريق الأنف كالذي يصل إلها عن طريق الفم لقوله: "إلا أن تكون صائما".
ومن فوائد هذا الحديث: أن الصائم لا يسن له المبالغة في الاستنشاق سواء كان صومه نفلا أو فرضا.
ومن فوائد هذا الحديث: الأخذ بالاحتياط؛ لأن المبالغة في الاستنشاق للصائم ربما ينزل الماء إلى بطنه، فيحتاط الإنسان ولا يبالغ.
فإن قال قائل: إذا كان الإنسان يتضرر بالمبالغة؛ لأن بعض الناس يتضررون بها، بأن يحصل