يقال: إنه ليس بواجب، لكن هذه أوقات تعتبر مواسم للخير، فلا ينبغي للإنسان أن يضيعها.
هل يؤخذ منه: جواز تصرف الإنسان في أهله؛ بمعنى: أنه يوقظهم وإن لم يأمروه بذلك؟ نقول: نعم، أما في الواجب فواجب عليه أن يوقظهم وإن لم يأمروه بذلك، بل لو قالوا: لا توقظنا وجب عليه أن يوقظهم للواجب، بل يجب أن يوقظ للواجب حتى من هو ليس بأهله، ولهذا قال العلماء: يجب إعلام النائم بدخول وقت الصلاة إذا ضاق الوقت، أما غير الواجب فهذا للإنسان أن يوقظ أهله وإن لم يأمروه بذلك، لئلا تفوت هذه المصلحة العظيمة.
٦٦٥ - وعنها رضي الله عنها:"أنَّ النَّبيَّ صلى الله عليه وسلم كان يعتكف العشر الأواخر من رمضان، حتَّى توفَّاه الله عز وجل ثمَّ اعتكف أزواجه من بعده". متَّفقٌ عليه.
"كان" فعل ماض، قال العلماء: وإذا كان خبرها فعلًا مضارعًا دلت على الاستمرار غالبًا لا دائمًا، فنقول:"كان يفعل كذا"، ويجوز أن نقول:"وأحيانا لا يفعل"، وقوله:"يعتكف" تقدم لنا معنى الاعتكاف لغة وشرعًا، وقوله:"العشر الأواخر" لماذا خص الاعتكاف بالعشر الأواخر؟ طلبًا لليلة القدر؛ لأن النبي صلى الله عليه وسلم اعتكف أول ما اعتكف العشر الأول، ثم اعتكف العشر الأوسط، ثم أوتي فقيل له: إنها في العشر الأواخر فاستمر على اعتكاف العشر الأواخر فقط رجاء ليلة القدر، وقولها:"حتى توفاه الله" يعني: حتى قبضه، و"الوفاة" تطلق على وفاة الموت، وعلى وفاة النوم، قال الله تعالى:{الله يتوفَّى الأنفس حين موتها والَّتي لم تمت في منامها}[الزمر: ٤٢]. وقال تعالى:{وهو الَّذي يتوفَّاكم بالَّيل ... }[الأنعام: ٦٠]. لكنها عند الإطلاق يراد بها وفاة الموت كما في هذا الحديث.
وفائدة قولها "حتى توفاه الله": بيان أن هذا الحكم لم ينسخ وأنه استمر إلى آخر حياته.
قالت:"ثم اعتكف أزواجه من بعده"، أي: من بعد موته، و"أزواجه" جمع زوج، وهو في اللغة يشمل الذكر والأنثى، فيقال: زوج للرجل، ويقال: زوج للمرأة، لكن فيه لغة قليلة قال بعضهم: لغة رديئة بالتاء للأنثى ويحذفها للذكر، إلا أن الفرضيين التزموا أن يجعلوها للأنثى بالتاء وللذكر مجردة من أجل تمييز المسائل الفرضية؛ لأنهم إذا وحدوا ذلك لأشكل على الطالب.
في هذا الحديث فوائد منها: مشروعية الاعتكاف، لماذا؟ لأن الرسول صلى الله عليه وسلم فعلته، والأصل فيما فعله الرسول صلى الله عليه وسلم تعبدًا أنه مشروع، ولكن هل يكون للوجوب؟ لا، فإن الفعل المجرد لا يفيد الوجوب.