في الحديث فائدة واحدة وهي: أن المعتكف يدخل معتكفه في الليلة التي تسبق اليوم لكنه لا يعتزل الناس إلا في صباحه، حيث يكون ابتداء تمام الاعتكاف.
٦٦٧ - وعنها رضي الله عنها قالت:"إن كان رسول الله صلى الله عليه وسلم ليدخل علىَّ رأسه وهو في المسجد فأرجِّله، وكان لا يدخل البيت إلا لحاجة إذا كان معتكفًا". متّفق عليه، واللَّفظ للبخاريِّ.
هنا قولها:"إن كان ليدخل""إن" مخففة من الثقيلة، واللام في قوله:"ليدخل" واجبة الوجود، يعني: يجب أن توجد، لماذا؟ لأنها لو حذفت لأوهم أنه ما كان يدخل رأسه عليَّ، وقد قال ابن مالك في ألفيته:
وخفِّفت إنَّ فقلَّ العمل ... وتلزم اللاَّم إذا ما تهمل
وربَّما استغنى عنها إن بدا ... ما ناطقٌ أراده معتمدًا
فذكري أنه يمكن أن يستغنى عنها بشرط أن يكون المعنى واضحًا، فإن كان غير واضح فلابد من وجودها، وتسمى اللام الفارقة.
قولها:"إن كان ليدخل عليَّ رأسه وهو في المسجد"، جملة:"وهو في المسجد" حال من فاعل "يدخل"، "فأرجله"، الترجيل: تسريح الشعر بالمشط ودهنه حتى يكون نظيفًا لينًا.
قالت:"وكان لا يدخل البيت"، يعني: بيت عائشة أو غيرها من النساء، "إلا لحاجة"، والمراد بالحاجة هنا: حاجة الإنسان كما جاءت مفسرة في حديث آخر، وحاجة الإنسان هي: البول أو الغائط، وقولها:"إذا كان معتكفًا" هذا شرط، يعني: أنها ذكرت هاتين الحالين فيما إذا كان صلى الله عليه وسلم معتكفًا، وقد عرفت متى كان يعتكف وهو أنه يعتكف العشر الأواخر من رمضان.
ففي هذا الحديث عدة فوائد: الفائدة الأولى: أن الإنسان لا يبطل اعتكافه بخروج بعض الجسد لفعله صلى الله عليه وسلم أنه كان يدخل رأسه إلى البيت، ومثل ذلك: لو حلف أنه لا يخرج من البيت فأخرج بعض جسده فإنه لا يحنث بدليل هذا الحديث.
ومن فوائده: جواز ترجيل المعتكف برأسه لفعل النبي صلى الله عليه وسلم، لا نقول للمعتكف: طن أشعت أغبر، بل نقول: لا بأس أن ترجل رأسك، وهل يجوز أن يحلقه لو كان الحلق عند الناس من باب التجمل كما هي عادتنا اليوم؟ الجواب؟ الجواب: نعم يجوز له أن يحلق رأسه للتجمل أو لغرض آخر.
ومن فوائده: جواز استخدام الرجل زوجته في غير ما يتعلق بمصالح النكاح لكونه صلى الله عليه وسلم