إن كونها وسيلة أدنى من كون العقد وسيلة؛ لأن الخطبة وسيلة للعقد؛ فهي وسيلة بالدرجة الأولى فلا تساوي الوسيلة بالدرجة الثانية، فكانت الخطبة مكروهة، وهذا الثاني هو المشهور من المذهب، ولكن القول بأنها حرام هو الأقرب؛ لأن الحديث سياقه واحد والتفريق بين شيئين سياقهما واحد والنهي فيهما واحد، لمجرد علة قد تكون هي العلة الملحوظة للشارع، وقد لا تكون هذا أمر لا ينبغي، فنقول: لا تخطب وأنت محرم، بل أصبر حتى، تحل؛ لأنك لو خطبت الآن لست تعقد.
هل على النكاح والإنكاح والخطبة للمحرم فدية؟
الآن نقول: هذه الأشياء حرام هل فيها فدية؟ يقول أهل العلم: إنه لا فدية فيها حتى المشهور من المذهب أن لا فدية فيها، يقولون: لأنه إنما ورد النهي عنها ولم يرد فيها إيجاب الفدية براءة للذمة، وهذا التعليل واضح، لكن يجب أن ينسحب هذا التعليل على جميع المخطورات التي لم ترد فيها فدية حتى لا تتناقض، أما أن نتناقض نقول: هذا فيه فدية وهذا ليس فيه فدية فهذا غير صحيح.
قد يقول قائل: عقد النكاح ليس فيه ترفه.
نقول: كيف ليس فيه ترفه، هذا الإنسان إذا عقد له النكاح يتضاحك ويسر وهذا من أكبر الترفه، على كل حال يعني: هذا يدلنا على أن الأصل في كل المحظورات إذا لم تقرن بوجوب الفدية من جهة الشارع فما الأصل؟ براءة الذمة.
لكن لو قال لك قائل: ألا يمكن أن نعامل الناس بالتربية، ونقول: لنفرض أن المشرع لم يدل على وجوب الفدية، إلا يليق بنا أن نعامل الناس بالتربية، ونقول: ما دام هذا قول جمهور العلماء فلنفت به الناس لئلا يتساهلوا؛ لأنك لو قلت لواحد مثلًا: عليك أن تستغفر الله لما فعلت من المكروه ولا عليك شيء لرأيت كثيرًا من الناس يتساهلون ويقولون: ما دام الأمر "استغفر الله وأتوب إليه" فليس بضار، فلو أن أحدًا سلك هذا المسلك كما سلكه بعض أهل العلم حيث أراد أن يفتي ابنه بشيء فقال: إما أن تفعل وإلا أفتيتك بقول فلان وهو أشد مما أفتاه به.
أقول: لو أننا سلكنا هذا المسلك وهو الذي أن أسلكه لكان هذا جيدًا لكن نحن نتكلم فيه باعتبار أن الذين أمامنا طلبة علم، ويجب أن نبين للإنسان ما يراه أنه الحق والفتوى شيء والعلم شيء آخر.
إذن من محظورات الإحرام: عقد النكاح وخطبة النكاح، خطبة النكاح تكره أيضًا لكن الأصل