للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

أن أحدًا ارتد في مكة وصار لا يصلي وأبي إن يتوب فإننا نقتله؛ لأن هذا إذا قدر أننا لن نقتله أو صار الحاكم ضعيفًا لا يجرؤ على قتله فإنه يجب إخراجه، لأنه كافر، والكافر لا يجوز بقاؤه في مكة.

ومن فوائد الحديث: أن من الناس من يكون فيه بركة في تشريع الأحكام الشرعية كما أن من الناس من يكون فيه شؤم، فالأقرع بن حابس لما قال فيما سبق: أفي كل عام؟ هذا سؤال لا ينبغي فلو قال الرسول: نعم، لو جبت ولما استطعنا، أما إذا كان الإنسان الذي يسأل يسأل في تخفيف على المسلمين فهذا يحمد عليه ويكون من بركاته، كما ذكر أسيد بن حضير في قصة عقد عائشة حين فقد ولم يكن عند الناس ماء ونزلت آية التيمم قال: "ما هي بأول بركتكم يا آل أبي بكر"، إذن من بركات العباس: استثناء الإذخر الذي يحتاجه الناس في مكة للبيوت والقبور.

ومن فوائد الحديث: أنه لا يشترط في الاستثناء نيته قبل تمام المستثنى منه ولا اتصاله به أيضًا، وجهه: أن الرسول قال: "إلا الإذخر" ولم يكن نواه الرسول صلى الله عليه وسلم؛ لأنه لو نواه لقال: ولا يختلى شوكها إلا الإذخر، وأيضًا حصل فصل بين المستثنى والمستثنى منه وهو: "لا تحل ساقطتها إلا لمنشد، ومن قتل له قتيل فهو بخير النظرين"، وكلام العباس ثم قال: "إلا الإذخر" فهنا استثناء مع الفضل ومع عدم النية لكن الكلام واحد، فإذا اتصل المستثنى بالمستثنى منه في كلام واحد ولم يل المستثنى منه أو لم ينوه المستثنى فهو صحيح، ومن العلماء من يقول: إنه تشترط نية الاستثناء قبل تمام المستثنى منه، ويشترط أيضًا الاتصال، فكيف يجيبون عن هذا الحديث؟ يقولون: إن قوله: "إلا الإذخر" هذا نسخ وليس بتخصيص، فيقال لهم: سبحان الله! هل يمكن أن نجعل إلا الإذخر حديثًا مستقلاُ؟ الجواب: لا يمكن؛ لأن فيه أداة الاستثاء، لكن هذا أمر يسلكه بعض الناس إذا اعتقد شيئًا حاول إن يحوّل النصوص إلى اعتقاده، وهذه طريقة ليست بسليمة، فالواجب على الإنسان أن ينظر ما تدل عليه النصوص ويتبعها لا أن يرى رأيا فيتبع النصوص ذلك الرأي.

الشاهد من هذا الحديث: ما يتعلق بالصيد، ولكنه في الواقع لا مناسبة فيه للباب؛ لأن الباب: "الإحرام وما يتعلق به" والذي ذكر في هذا الحديث ما يتعلق بالحرم لا بالإحرام، الشجر تحريمه يتعلق بالحرم فقط، ولهذا يحرك قطع الشجر في الحرم على المحلّ والمحرم، ويحل قطع الشجر في الحل للمحرم وغير المحرم فلا علاقة له بالإحرام، الصيد له علاقة بالحرم والإحرام، ولهذا يحرم الصيد في الحرم على المحلّ والمحرم، ويحرم الصيد على المحرم في الحل والحرم، وإذا كان المحرم في الحرم حرم عليه الصيد من وجهين: كونه في الحرم وكونه محرمًا، وهل يلزمه جزاءان لوجود السببين، أو جزاء واحد؟ قال بعض العلماء:

<<  <  ج: ص:  >  >>