فإن قال قائل: ألا يمكن أن يكون النبي صلى الله عليه وسلم حين استلامه الحجر يؤذي أحدًا؟
فالجواب: لا؛ لأن الناس إذا رأوا النبي صلى الله عليه وسلم يريد أن يستلمه بالمحجن سوف يبتعدون ولا يتأذون بذلك، وإنما فعل -عليه الصلاة والسلام- هذا لأنه كان راكبًا ومعه المحجن -وهو العصا المحنية الرأس-.
٧١٨ - وعن يعلى بن أمية رضي الله عنه قال:"طاف النبي صلى الله عليه وسلم مضطبعًا ببرد أخضر". رواه الخمسة إلا النسائي، وصححه الترمذي.
هذا فيه الاضطباع وهو أن يجعل وسط ردائه تحت عاتقه الأيمن وطرفيه على عاتقه الأيسر، لكن هذا في الطواف أول ما يقدم وليس في جميع الأحوال كما يفعله العامة.
٧١٩ - وعن أنس رضي الله عنه قال:"كان يهل منا المهل فلا ينكر عليه، ويكبر منا المكبر فلا ينكر عليه" متفق عليه.
يعني: ويلبي الملبي فلا ينكر عليه، أما الملبي فظاهر، لكن المكبر والمهلل ربما يقول قائل: قد تنكر عليه؛ لأن المقام مقام تلبية، ولكن يقال: كله ذكر لله عز وجل، فلا ينكر على هذا ولا على هذا.
تقديم دفع الضعفة من النساء وغيرهن من مزدلفة:
٧٢٠ - وعن ابن عباس رضي الله عنه قال:"بعثني رسول الله صلى الله عليه وسلم في الثقل، أو قال: في الضعفة من جمع بليل" متفق عليه.
٧٢١ - وعن عائشة رضي الله عنها قالت:"استأذنت سودة رسول الله صلى الله عليه وسلم ليلة المزدلفة: أن تدفع قبله، وكانت ثبطة -يعني: ثقيلة- فأذن لها" متفق عليه.
في هذا دليل على أن الثقيل والضعيف ومن لا يتمكن من مزاحمة الناس في جمرة العقبة له أن يدفع بليل، وكلمة "بليل" مبهمة، فمن العلماء من يقديها بنصف الليل وهو غالب المذاهب، ومنهم من يقول إنها مقيدة بغياب القمر، وهذا ظاهر حديث أسماء بنت أبي بكر رضي الله عنها أنها كانت ترقب