مما يشير إلى ما ثبت عن النبي صلى الله عليه وسلم من "أن رحمة الله سبقت غضبه"؛ ولهذا كانت أبواب دار كرامته من أبواب دار عقوبته.
ومن فوائد هذا الحديث: أن من قام بما ذكر تيسرت له أبواب الخير، يعني: فيسره للصلاة الصدقة، الجهاد، كل أبواب الخير.
ومن فوائد هذا الحديث: الرد على الجبرية الذين ينكرون مشيئة العبد لقوله: "يدخل من أيها شاء"، وكذلك من قوله:"ما منكم من أحد يتوضأ"، فأضاف الفعل إلى الإنسان، وهذا هو الذي تدل عليه الأدلة السمعية والعقلية والواقعية، وأن الإنسان له مشيئة وإرادة، ولكننا نعلم أن الإنسان إذا شاء شيئا وفعله فإن الله تعالى قد شاءه وقدره ولا شك، فلا يكون في ملك الله تعالى ما لا يريد.
ومن فوائد هذا الحديث في رواية الترمذي: أن الإنسان إذا فعل ما يكون سببا للطهارة والتوبة، فإنه لا يعتمد على ذلك ويعجب بعمله، بل يسأل الله القبول لقوله:"اللهم اجعلني من التوابين واجعلني من المتطهرين".
ومن فوائد الحديث الشريف: أن التوبة منزلة عالية ينبغي للمؤمن أن يسأل ربه إياها، لقوله:"اللهم اجعلني من التوابين" فما هي التوبة؟ التوبة بمعنى: الرجوع، وهي الرجوع من معصية الله إلى طاعته، ولها شروط خمسة:
الأول: الإخلاص.
والثاني: الندم على ما فعل من المعصية.
والثالث: الإقلاع عنها.
والرابع: العزم على ألا يعود.
والخامس: أن تكون في الوقت الذي تقبل فيه التوبة، وذلك قبل حضور الأجل وقبل طلوع الشمس من مغربها. فهذه الشروط الخمسة لابد فيها من التوبة وإلا لم تقبل.
وهل يشترط أن يتوب من الذنوب الأخرى؟ في هذا قولان للعلماء، قول أنه لا تصح التوبة من ذنب مع الإصرار على غيره، والصواب أن التوبة من ذنب تصح مع الإصرار على غيره، وفصل بعضهم فقال: إن كان الغير من جنس ما تاب منه فإنه يقبل، وإن لم يكن من جنسه فإنه لا يقبل، يعني: لا تقبل التوبة، والصواب أنها قبل مطلقا، فلو تاب الإنسان من الزنا مثلا قبلت التوبة وإن كان مصرا على النظر إلى النساء، وإذا تاب من السرقة قبلت توبته وإن كان يأكل