لكن كلما قويت الصلة سهلت هذه المسألة؛ يعني: كون الإنسان يناول صاحبه العصا أو ما أشبه ذلك لا يجد فيها غضاضة، لكن كونه يلبسه النعلين أو يخلعهما هذه فيها غضاضة عند كثير من الناس، ولكن نقول: كلما قويت الصلة سهلت هذه.
ومن فوائد هذا الحديث: البناء على الأصل؛ يعني: جواز تصرف الإنسان بالبناء على الأصل لقوله: "لأنزع خفيه" بناء على الأصل، ما هو الأصل هنا؟ غسل الرجلين. المغيرة رضي الله عنه لم يستأذن الرسول فقال: أتأذن أن أخلع، بل أهوى لينزع بناء على الأصل.
ومن فوائد هذا الحديث: حسن تعليم الرسول - عليه الصلاة والسلام- وجبره للخاطر لقوله:"دعهما فإني أدخلتهما طاهرتين" فلما ذكر الحكم ذكر العلة.
ومن فوائد الحديث: الإشارة إلى أنه لا يمسح على الخفين إذا لبسهما على غير طهارة وجهه: أنه علل - عليه الصلاة والسلام- عدم خلعهما بأنه لبسهما على طهارة يفيد أنه يشترط لجواز المسح على الخفين فقط أن يلبسهما على طهارة وقوله:"طاهرتين" هل المراد أنه أدخلهما بعد أن طهرت القدمان أو يوزع الفعل على كل قدم وحدها؟ في هذا خلاف بين العلماء، فمنهم من قال: إنه لا يجوز أن يلبس الخفين إلا إذا تمت الطهارة بغسل الرجلين، وبناء على ذلك لو غسل الرجل اليمنى ثم لبس الخف ثم غسل اليسرى ولبس الخف فإنه لا يصح المسح عليهما حتى يخلع اليمنى ثم يعيد لبسها، وهذا هو المشهور من المذهب، وفيه حديث يشير إلى ذلك أن النبي صلى الله عليه وسام قال:"إذا توضأ أحدكم فلبس خفيه فليمسح عليهما". فإن قوله:"إذا توضأ" لا يصدق عليه أنه توضأ إلا إذا تمت الطهارة، ثم هو أيضا أحوط.
وأصحاب القول الثاني، يقولون: إنه أدخل كل قدم وهي طاهرة فصدق عليه أنه أدخلهما وهما طاهرتان، وهذا يقوى على القول بأن الإنسان إذا غسل كل عضو من أعضاء الوضوء ارتفع الحدث عنه، أما على قول من يقول إنه لا يرتفع الحدث حتى يتمم الأعضاء فلا شك أنه لابد أن يتمم غسل الرجلين.
هل في المسألة صعوبة فيما لو أدخل اليمنى ثم اليسرى؟ ليس فيه صعوبة؛ لأن المطلوب منه الآن أن يخلع اليمنى ثم يعيد لبسها هذا المطلوب.
فإن قال قائل: هذا نوع من العبث إذا ما معنى أن نقول: اخلع الخف ثم عد فالبسه؟
نقول: هذا ليس نوعا من العبث؛ لأن أصل وضع الخف أولا غير صحيح، كونه يلبسه قبل