للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

فأخذت تطلب منه كل يوم نوع من الأرز نوع من الخبز نوع من اللباس، والزوج هذا كالشاة مع الراعي، فأرادت الأخرى أن تنقذ الزوج من هذه المرأة، فذهبت تطلب الطلاق هل يجوز؟ هو جائز، بل قد يكون محمودًا؛ لأن فيه إنقاذًا لهذا الرجل المغلوب على أمره.

إذن نقول: إذا سألت المرأة طلاق أختها فلا يكون إلا في ثلاث حالات: الأولى: أن يكون لمصلحة الزوج أو لمصلحة المرأة وهذا جائز، أن يكون بقطع رزق المرأة هذا لا يجوز، بل حرام؛ لأنه إضرار بالمرأة إذا سأل الرجل طلاق المرأة من زوجها كرجل سأل زوجًا أن يطلق زوجته؟ إذا كان لمصلحة الزوج فجائز، أما إذا كان لمصلحة الزوجة فلا يجوز، أو لقطع رزق المرأة فلا يجوز، إذا كان لغرض السائل هو نفسه يريدها فهذا حرام، وقد أنكر الإمام أحمد رحمه الله من سأل من رجل خلعه امرأته ليتزوج منها، إذا كان الشارع نهى عن خطبة المرأة فكيف يكون ذلك؟

وقوله: "لا يسم المسلم"، "يسم" هذا فعل مضارع مجزوم بلا الناهية، وحذفت الواو لالتقاء الساكنين؛ لأنه لا يمكن أن يحذف حرف من وسط الكلمة من أجل الجزم؛ أي: لا يمكن أن يكون عامل الجزم هو الذي حذفها إنما يحذف الحرف للجزم من آخر الكلمة، فالعلة هنا لالتقاء الساكنين؛ لأنه إذا جزم الفعل صار آخره ساكنًا فلا يستقيم آخر ساكن مع الواو -حرف علة- فتحذف، المهم "لا يسم على سومه" يعني: أنه إذا سام المسلم شيئًا وركن البائع إليه فإنه لا يجوز لشخص آخر أن يأتي ويزيد عليه؛ لأن البائع قد ركن إليه، أما إذا كانت المسألة من باب المزايدة فإن هذا جائز بإجماع المسلمين، وليس فيه حرج، يعني: رجل يعرض سلعة ويقول: من يسوم، من يسوم، فقام آخر وقال: أنا أسومها بعشرة، فهل يجوز أن أزيد عليه وأقول: بإحدى عشر؟ نعم يجوز ذلك، وكذلك لو أن البائع هو الذي عرضها، فإنه لا بأس أن أزيد على من سامها أولًا، أما إذا رأيت أن البائع قد اطمأن ولم يبق عليه إلا أن يوجب البيع، فإنه لا يجوز لي أن أسوم على سومه، لما في ذلك من العدوان على حقه؛ ولأن هذا يوجب العداوة والبغضاء بين المسلمين.

وهل مثل ذلك السوم على السوم في البيع؟ يعني بأن يجد شخصًا يريد أن يشتري شيئًا، وقد ركن إلى قول البائع، ولم يب عليه إلا أن يوجب البيع، فيأتي إنسان آخر فيقول: أنا أعطيك مثله أو أكثر منه؟ فالجواب: نعم؛ لأن العلة واحدة، وهي العدوان على حق الغير، ولكن في مسألة السوم لو أنه عقد البيع مع الذي سام على سوم أخيه فهل يصح؟ الجواب: نعم؛ لأن النهي عن السوم، وأما في البيع على بيعه أو الشراء على شرائه فإنه لا يصلح البيع؛ لأن النهي وارد على نفس العقد، وقد سبق لنا قاعدة مهمة في هذا الباب وهو أن النهي إذا عاد إلى ذات الشيء فإنه لا يمكن أن يقع صحيحًا من أجل التضاد، وأما إذا عاد النهي إلى أمر خارج فإنه يأثم ولكن يصح العقد.

<<  <  ج: ص:  >  >>