المصلحة فليس له أن يقيل؛ فإذا قال: أنا أريد الأجر، قلنا: المحافظة على أداء الأمانة أولى من طلب الأجر بالإقالة؛ لأن المحافظة على الأمانة واجبة، والإقالة سنة، وليست بواجبة، أما بالنسبة للوكيل فليس له أن يقيل إلا أن يجعل إليه؛ لأن الوكالة مقيدة بما وكَّل فيه، وهو إنما وكل بالبيع، ولم يوكل بالإقالة؛ ولأن الموكَّل قد لا يرضى بذلك بخلاف الولي، الولي مستقل عنده نوع استقلال ليس فوقع أحد، بل هو متولَّ على مال اليتيم فله أن يقبل إذا رأى المصلحة، وأما الوكيل فلا؛ إلا أن يجعل إليه أو يراجع الموكل.
ومن فوائد الحديث- وإن كان يتكرر علينا كثيرًا-: الرد على الجبريّة، حيث قال:"من أقال مسلمًا"، وهذا يدل على أن للإنسان اختيارًا في الإقالة وعدمها، والجبريّة يرون أنه لا اختيار للإنسان، وأن الإنسان مجبر على عمل.
وفي الحديث أيضًا: ردُّ على غلاة القدرية الذين ينكرون علم الله بأفعال العباد، ووجه ذلك قوله:"أقال الله عثرته"، ولم يقل:"عثرته" إلا بعد العلم بإقالته.