للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

لو أخذنا بالأول الصاع بالصاعين كم يكون الصاعين؟ أربعة، وإذا كان الصاعين خمسة صار الصاعين أربعة أصواع ونصف صار الأخير أرخص، يعني: التمر الرديء أرخص يأخذ الصاع بصاع ونصف، يعني الطيب أرخص بالنسبة للذي أخذ صاع بصاعين، وبالعكس إذا أخذ الصاعين بالثلاثة، المهم أنهم كانوا يأخذون إما المائة مائة أو المائتين ثلاثمائة، يعني: معناه أرخص من الأول، فقال النبي صلى الله عليه وسلم: "لا تفعل هذه " "لا" ناهية يعني: لا تفعل هذا الفعل فتشتري شيئاً أقل بشيء أكثر من التمر ثم أرشده فقال: "بع الجمع بالدراهم" لما منعه من صورة الربا أرشده إلى صورة الحلال فقال: "بع الجمع بالدراهم" الجمع هو: التمر المجمع المخلوط، والغالب أن التمر المجمع المخلوط أنه يكون رديئاً؛ لأنه يكون من الأنواع الرديئة ويخلط جميعاً ولا يعتني به ما ينقي ولا يهذب، "ثم ابتع بالدراهم جنيباً" يعني: اشتر تمراً طيباً.

وفي لفظ لمسلم قال: "ردوه" يعني: ردوا هذا التمر، وهذا اللفظ فيه فائدة عظيمة وهي أن العقد وإن كان صاحبه جاهلاً إذا كان محرماً يجب رده وإبطاله؛ لأن في إنقاذه معصية لله ورسوله واعتباراً لما ألقاه الشرع. وقال: "في الميزان مثل ذلك" ما المراد بالميزان؟

قال بعض العلماء: المراد به: كل ما يوزن، وقال بعض العلماء: المراد بالميزان: الذهب والفضة لأنها توزن، يعني قال بالذهب والفضة مثل ما قال في بيع التمر بالتمر.

فإذا قال قائل: ما مناسبة ذكر الميزان في هذه الصورة؟

فالجواب: أن رسول الله صلى الله عليه وسلم كان من حسن تعليمه إذا ذكر الشيء ذكر ما يمكن أن يحتاج إليه السائل وغن لم يسأل عنه، وهذا من الجود بالعلم، كما لو سألك فقير قال: أعطني قميصاً، فأعطيته قميصاً وعمامة، فغن هذا من الكرم بالمال والزيادة على سؤال السائل، ونظير هذا أن النبي صلى الله عليه وسلم سئل عن البحر فقال: "هو الطهور ماؤه الحل ميتته"، مع انه لم يسأل عن الميتة، لكن من ركب البحر سيحتاج إلى الأكل، فبين النبي صلى الله عليه وسلم ما يمكن أن يحتاج إليه؛ لان ميتته طاهرة، هذا الحديث كما ترون أصله بيع تمر بتمر متقابلاً هذا أصله، والرسول صلى الله عليه وسلم حكم هذه المسألة بياناً شافياً كاملاً.

فيستفاد من الحديث: جواز استعمال الرجل الواحد في قبض الزكاة ومحاسبة الشركاء، وجهه: أن النبي صلى الله عليه وسلم استعمل رجلاً على خيبر، ومن المعلوم أن خيبر ثمارها شطرها للمسلمين والشطر الثاني للهيود على سبيل المساقاة، ولكن يشترط في العامل أن يكون ذا خبرة وأن يكون أميناً، وهذان الشرطان شرط في كل معاملة أسندت إلى شخص أن يكون الشخص ذا خبرة وأن يكون أميناً، وقد أشار الله إلى ذلك في كتابه، فقال عز وجل عن العفريت من الجن الذي قال لسليمان: {أنا أتيك به قبل أن تقوم من مقامك وإني عليه لقوى} [النمل: ٣٩]. وهذه الخبرة {أمين} وهذه

<<  <  ج: ص:  >  >>