عن الصحابة ولا عن التابعين ولا عن أئمة المسلمين نقول: بدل من هذا الذي تدعون أن فيه ذكرا للرسول صلى الله عليه وسلم إما أن نقول لكم: إن ذكر الرسول صلى الله عليه وسلم فرض كفاية على المسلمين كل يوم خمس مرات عند حلول الصلوات في الأذان أشهد أن محمدا رسول الله على رءوس الأشهاد، وإن ذكر الرسول صلى الله عليه وسلم في كل عبادة فإن الإنسان الفطين الكيس يذكر النبي صلى الله عليه وسلم ليس باسمه ولكن يذكر بالاتباع كل عبادة فيها من الإخلاص لله والمتابعة للرسول صلى الله عليه وسلم، وأنت حين تستحضر المتابعة سيكون في قلبك ذكر للرسول صلى الله عليه وسلم، ثم في الصلوات الخمس السلام عليك أيها النبي فرض إما أن تكون فرضا مرتين في الصلاة الخمس السلام عليك أيها النبي فرض إما أن تكون فرضا مرتين في الصلاة أو مرة واحدة، فإذا ذكرنا لهم هذه البدعة نقول: عندكم سنن كثيرة، فالمهم أن الإنسان الذي يتصدى الناس بالإفتاء أو غيره إذا ذكر لهم الشيء الممنوع فليذكر لهم الشيء الذي يحل محله، وهذا كما أنه مما وجه إليه الرسول صلى الله عليه وسلم فإنه مما وجه إليه الخالق عز وحل فقال الله تعالى:{يا أيها الذين ءامنوا لا تقولوا راعنا وقولوا انظرنا}[البقرة: ١٠٤]. لما نهى عن هذه اللفظة {راعنا}[البقرة: ١٠٤] فتح لهم لفظ آخر فقال: {انظرنا}[البقرة: ١٠٤] حتى يستغنوا بما أباح الله عما حرم الله ومن ذلك قول لوط -عليه الصلاة والسلام- لقومه:{أتأتوان الذكران من العالمين وتذرونا ما خلق لكم من أزواجكم}[الشعراء: ١٦٦].
فالحاصل: أن هذه من الأشياء التي في كتابه ووجهت إليها المرسل، بمعنى: أنك إذا سددت بابا على الناس فافتح لهم أبواب الحل.
ومن فوائد الحديث: أن بعض العلماء استدل به على جواز العينة أو على جواز الحيلة كما يقولون: بع التمر بالدراهم إذا بعته على زيد بدراهم واشتريت به -بالدراهم- تمرا طيبا فيقولون: إن هذا يدل على جواز التحيل على الربا؛ كيف؟ لأنك بدلا من أن تقول: خذ هذه التمر الرديء بعشرة ريالات وأعطني صاعا بعشرة ريالات، وهذه حيلة، يعني: تمر دخلت بينهما دراهم غير مقبوضة، ولكن هذا الاستدلال ليس بصحيح؛ لأن قول الرسول صلى الله عليه وسلم:«بع الجمع بالدراهم واشتر بالدراهم جنيبا» مطلق، ما قال: اشتر ممن تبيع عليه ولا اشتر من غيره، فهو مطلق، والمطلق يقيد بما دلت عليه السنة طريق آخر، فإن السنة دلت على تحريم الحيل كما في قوله صلى الله عليه وسلم:«قاتل الله اليهود، إن الله لما حرم عليهم شحومها حملوه، يعني: أذابوه ثم باعوه فأكلوا ثمنه»، فدعا عليهم لكونهم تحيلوا لما حرمت عليهم الشحوم قالوا: لا نأكلها نذوبها ثم نبيعها ثم نأخذ الدراهم.
وقال صاحب كتاب "الحيل" عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه قال: «لا ترتكبوا ما ارتكبت اليهود