محرم؛ لأنه رتبت عليه عقوبة، وإنما كان بيعاً محرماً؛ لأنه وسيلة إلى الربا بحيلة، والحيل لا تبيح المحرمات ولا تسقط الواجبات.
الوصف الثاني:"وأخذتم أذناب البقر ورضيتم بالزرع"، وهاتان الجملتان متلازمتان؛ لأن قوله:"أخذتم أذناب البقر" يعني: للحرث عليها، فإن الحارث على البقرة يكون وراءها يسوقها فيأخذ بذنبها ويسوقها، "رضيتم بالزرع" يعني: زرع الأرض التي حرثتم بها على هذه البقر، "وتركتم الجهاد" يعني: لم تجاهدوا في سبيل الله لا بأموالكم ولا بأنفسكم ولا بألسنتكم، ركنتم إلى الخلود ولم تتحركوا لنصرة دين الله، والغالب أن هذا ملازم لهذا، يعني: أن الذي ينهمك في طلب الدنيا ويتحيل في الحصول عليها حتى بما حرم الله الغالب أنه يترك الجهاد، لأن قلبه اشتغل عنه.
قال إذا حصل هذه الأربع:"سلط الله عليكم ذلاً لا ينزعه حتى ترجعوا إلى دينكم" يعني: ضربكم بذل، والذل ضد العز، صرتم أذلة أمام الناس، حتى ترجعوا إلى إقامة الدين على الذي يرضاه الله عز وجل، لأن الإنسان لا يخرج بهذه الأوصاف عن الإسلام، لكنه يخرج عن كمال الإسلام.
هذا الحديث فيه الوعيد الشديد على من اتصف بهذه الصفات الأربع.
ففي هذا الحديث فوائد: الأولى: تحريم بيع العينة وهي كما ذكرت لكم أن يبيع شيئاً بثمن مؤجل ثم يشتريه بأقل منه نقداً، مثل أن يبيع سيارة بعشرين ألفاً ثم يشتريها من مشتريها بخمسة عشر ألفاً نقداً، هذا عينة، فإن اشتراها من غير مشتريها، يعني: بأن باعها الذي اشتراها منه ثم اشتراها الأول من المشتري الثاني، فإن هذا ليس من العينة؛ لأنه ليس فيه حيلة، إلا أن يكون هناك موافقة بأن يقول البائع الأول للمشتري: بعها على فلان فأشتريها منه، فإن الحيلة لا تنفع فإن باعها بعد أن تغيرت صفتها ثم اشتراها البائع بأقل مما باعها به بعد تغير الصفة فهل هذا جائز؟ ينظر في النقص إن كان في مقابل ما نقص من قيمتها التي باعها به فإن هذا لا بأس به مع أن الورع تركه لئلا ينفتح الباب، مثاله: باع عليه سيارة بعشرين ألفاً إلى سنة ثم حصل عليها حادث فنقصت قيمتها خمسة آلاف فاشتراها بخمسة عشر ألفاً فهل يجوز هذا؟ يجوز، لكن مع ذلك الأروع والأحوط تركه لئلا يكون ذلك زريعة إلى بيع العينة، فإن اشتراها بأقل من نقص السعر لا لفوات صفة فالظاهر أن ذلك لا يجوز، يعني: كانت تساوي عشرين ألفاً لكن نزل السعر فاشتراها بقدر ما نزل فقط، لا بالفرق بين النقد والمؤجل، فالظاهر أن ذلك لا يجوز وإن اختلف السعر؛ لأن ذلك حيلة، فإن اشتراها بمثل ما باعها به فهذا لا بأس به؛ لأنه من الجائز أن يبيعها علي بعشرين ألفاً إلى ستة وهي تساوي خمسة عشر ألفاً، ثم