ومن فوائد الحديث: جواز تكلم صاحب الحق بمن ما طله لعموم قوله: «يحل عرضه» وهذا يشمل الشكاية وغيرها لكنه لا ينبغي أن يتكلم فيه بغير الشكاية إلا إذا كان في ذلك مصلحة، المصلحة قد تكون للطالب، وقد تكون لغيره، فالمصلحة للطالب أن يكون كلامه في هذا الرجل حاثا له على الوفاء، يعني: إذا رأى أنه يتكلم عند الناس به قال: أنا أوفيه وأسلم من شره، هذه المصلحة للطالب، وقد تكون لغيره بحيث يحظر الناس منه، فإن هذا مصلحة للغير؛ لأن كثيراً من الناس لا يعلم عن معاملة هذا الشخص، وقد يكون هذا الشخص على هيئة يحسن الظن به، ويكون الأمر بخلاف الواقع، فإذا تكلم به لمصلحة التحذير مننه كان هذا خيراً أما التكلم من أجل الشكاية فهو حاجة، إذن نقول: إنه يجوز أن يتكلم الطالب بالمماطل في الشكاية وفيما إذا كان هناك مصلحة له أو مصلحة لغيره وإلا فلا ينبغي أن يتكلم.
ومن فوائد الحديث: جواز عقوبة المماطل إذا كان واجداً لقوله: «وعقوبته» والمراد بالجواز هنا: رفع المنع، فلا يمنع أن تكون عقوبته واجبة، فلا ينافي أن تكون عقوبته واجبة، ولهذا يجب على ولاة الأمور أن يعاقبوا المماطلين حتى لا تضيع أموال الناس.
ومن فوائد الحديث: عناية الشرع بحماية الأموال؛ لأنه إنما أبيح عرض المماطل وعقوبته من أجل حماية المال.
هل نقول: إنه يمكن أن تقاس جميع الحقوق على هذا الحقوق المالية؟
الجواب: نعم، يمكن أن تقاس جميع الحقوق على الحقوق المالية، فإذا ماطل الزوج بحق زوجته أو الزوجة بحق زوجها كان داخلاً في هذا الحديث من باب القياس.
٨٢٩ - وعن أبي سعيد الخدري رضي الله عنه قال:«أصيب رجل في عهد رسول الله صلى الله عليه وسلم في ثمار ابتاعها، فكثر دينه، فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم: تصدقوا عليه، فتصدق الناس عليه، ولم يبلغ ذلك وفاء دينه، فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم لغرمائه: خذوا ما وجدتم، وليس لكم إلا ذلك» رواه مسلم.
«أصيب» يعني: أصابته مصيبة، وبين هذا قال:«فكثر دينه» فأفلس.
قوله:«في ثمار» جمع ثمر، والظاهر- والله أعلم- أنه تمر، لأن غالب ثمار المدينة في التمر، وقوله:«ابتعاعها» يعني: اشتراها، «فكثر دينه فأفلس»، يعني: افتقر، فقال النبي صلى الله عليه وسلم:«تصدقوا عليه» قال: يعني: للناس «تصدقوا عليه» أي: أعطوه صدقة لجبر كسره، والصدقة بذل المال تقرباً إلى الله عز وجل، وسميت صدقة؛ لأنها دالة على صدق إيمان صاحبها؛ لأن المال محبوب إلى النفس،