للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وجعل يدعوهم بأسمائهم وأسماء آبائهم: » فلان بن فلان «، هل وجدتم ما وعد ربكم حقًًا، فإني وجدت ما وعد ربي حقًا؟ . فقالوا: يا رسول الله كيف تكلم قومًا جيفوا؟ فقال: » ما أنتم أسمع لما أقول منهم ولكنهم لا يجيبون «، وههذه الغزوة كانت قبل أن تفرض الأنفال وتُبين، فكانت لله ورسوله، فكان النبي صلى الله عليه وسلم يعطي منها من اقتضت المصلحة إعطاؤه، فاجتمع الناس كل ينفله ما شاء مما يرى أنه من الحكمة، من جملة ما كان من النفل الأسري، لأنه أسر من قريش سبعون رجلًا وقُتل منهم سبعون رجلًا، يقول عبد الله بن مسعود: أنه اشترك هو وعمار وسعد فيما يصيبون يوم بدر فأصابوا أسرى جاء سعد بأسيرين، ولم يأت ابن مسعود ولا عمار بشيء، وبناء على عقد الشركة يكون الأسيران بينهم أثلاثًا لكل واحد ثلثا أسير، لكن بعد هذا تقرر قسمة الغنائم وأنزل الله تعالى {واعلموا أنما غنمتم من شيء فإن لله خمسه وللرسول ولذي القربى واليتامى والمساكين وابن السبيل} [الأنفال: ٤٠]. فصارت الغنيمة تُقسم خمسة أقسام أربعة منها للغانمين وواحد لهؤلاء الخمسة {فإن لله خمسه وللرسول ولذي القربى واليتامى والمساكين وابن السبيل} واستقر الأمر على ذلك إلى اليوم وإلى يوم القيامة، لكن قبل ذلك لم تكن الغنيمة تُقسم على هذه القسمة.

ففي الحديث دليل على جواز الاشتراك فيما يُحصله المشتركون ويُسمى عند أهل العلم-هذا النوع من الشركة-شركة الأبدان؛ لأنها مبنية على عمل البدن المحض، ليس هناك مال بلا عمل بدن، فإذا اشترك شخصان فيما يكتسبان من حشيش او حطب أو سمك من البحر، أو صيود من البر، أو ما أشبه ذلك مما يكون نتيجة العمل البدني فالشركة جائزة، ويكون الملك بينهما على ما اشترطاه يعني: لا على رءوسهم قد يكون ثلاثًا ويشترطون الربح أرباعًا لواحد منهم النصف، والاثنين على ربع، حسب ما يرونه من قوة هذا الرجل وحدقه، واكتسابه، وقد تكون بالتساوي كما لو اشترك أربعة فيما يكتسبون وجعلوا المال بينهم أرباعًا، المهم أن الملك على ما شرطاه؛ لأن هذا عقد يرجع أمره إلى العاقد، فإذا قال: نشترك في الاحتطاب نجمع حطبًا ونبيعه، وما رزقنا الله فهو بيننا، هو أربعة لكن منهم واحدًا جيدًا نشيطًا يأتي بما يأتي به الرجلان، فقالوا: نجعل لك الثلث ولنا نحن الثلاثة الثلثان يجوز هذا؛ لأن الأمر راجع إليهم.

فإن قال قائل: هذا فيه جهالة وغرر، لأن أحدهما قد يُحصل والآخر لا يحصل كما في هذا الحديث هو وعمار لم يُحصلا شيئًا وسعد حصل اثنين فيكون في هذا غرر.

نقول: نعم، هذا لا شك أن فيه شيئًا من الغرر لكن ليس فيه معاوضة، يعني: ليس فيه مال بمال يُخشى بينهما الاختلاف، إنما المسألة عمل بدن فقط، فإذا قُدر أن أحدهم أتى بكثير

<<  <  ج: ص:  >  >>