للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

هو المتعين التقسيم الذي في الآية، فالله عز وجل ذكر طهارتين موجبين للطهارة، فالطهارتان: المائية والترابية، والموجبان للطهارة: الحدث الأصغر، والحدث الأكبر.

{يأيها الذين ءامنوا إذا قمتم إلى الصلوة فاغسلوا وجوهكم وأيديكم إلى المرافق وامسحوا برءوسكم وأرجلكم إلى الكعبين} هذه طهارة مائية في الحدث الأصغر {وإن كنتم جنبا فاطهروا} هذه طهارة مائية في الحدث الأكبر {وإن كنتم مرضى أو على سفر أو جاء أحد منكم من الغائط أو لمستم النساء فلم تجدوا ماء فتيمموا} [المائدة: ٦].

قال تعالى: {وإن كنتم مرضى أو على سفر} {فتيمموا}، لكن قوله: {أو جاء أحد منكم من الغائط}، "أو" هنا بمعنى "الواو" يعني: وجاء أحد منكم من الغائط، أو لامستم النساء، جاء أحد منكم من الغائط هذا موجب للطهارة الصغرى، {أو لمستم النساء} هذا موجب للطهارة الكبرى، لو قلنا: "لامستم النساء"، يعني: انتقض الوضوء بمس المرأة لكان الذي ذكر في الآية موجبا واحدا مكررا، وحذف منها موجب آخر لابد من ذكره حتى تكون الآية دالة على الحدث الأصغر والأكبر، ثم نقول: والدليل الآخر أن الله تعالى يعبر عن الجماع بالمس كقوله - تبارك وتعالى-: {لا جناح عليكم إن طلقتم النساء ما لم تمسوهن أو تفرضوا لهن فريضة} [البقرة: ٢٣٦].

وقوله: {وإن طلقتموهن من قبل أن تمسوهن} [البقرة: ٢٣٧]. أي: تجامعوهن؛ فتبين بهذا أن المراد بالملامسة الجماع، ذكرنا أن قوله: {أو جاء أحد منكم من الغائط} بمعنى: وجاء فهل هناك شاهد بأن "أو" تأتي بمعنى "الواو"؟

الجواب: نعم، ومنه قول النبي صلى الله عليه وسلم: "أسألك بكل اسم هو لك سميت به نفسك أو أنزلته في كتابك، أو علمته أحد من خلقك، أو استأثرت به في علم الغيب عندك".

فقوله: "سميت به نفسك، أو أنزلته" بمعنى: وأنزلته في كتابك؛ لأن ما سمى الله به نفسه إما أن يكون نازلا في الكتاب، أو علمه الله أحدا من خلقه عن طريق الوحي، فثبت بالسنة، أو استأثر به في علم الغيب عنده. فتبين أن "أو" تأتي بمعنى الواو في اللغة العربية، وعليه فنقول: إذا قبل الرجل امرأته وهو على وضوء لشهوة ولو مع انتصاب ذكره، فإنه لا ينتقض وضوؤه ما لم يحدث بمذي أو غيره فينقض بالحدث، هذا هو القول الراجح في هذه المسألة.

<<  <  ج: ص:  >  >>