التغليب، وكل شيء يُؤتى به بناء على التغليب فإنه لا يكون له مفهوم، وعلى هذا فإنه لا يحل للمرأة أيضا أن تعطي العطية ثم ترجع فيها.
ومن فوائده: أن الإسلام يحث على الأخلاق الكريمة، وجه ذلك: أن الرجوع في الهبة خُلق ذميم، ومن تخلق به فهو لئيم، والمسلم لا يمكن أن يرجع، لأن إسلامه يمنعه من أن يرجع فيما أعطى.
ومن فوائد الحديث: أن عدم الرجوع في الهبة من مقتضيات الإسلام، لقوله: لا يحل لرجل مسلم».
ومن فوائده: جواز رجوع الوالد فيما وهب ولده؛ لقوله:«إلا الوالد ... إلخ»، وظاهرة أنه يشمل الأم والأب، وذهب بعض العلماء إلى أنه خاص بالأب، وأن الأم لا يحل لها أن ترجع، وعلل ذلك بأن الأب هو الذي يتملك من مال ولده وأما الأم فليس لها حق التملك فإذا لم يكن لها حق التملك لم يكن لها حق الرجوع في الهبة، وهذا هو المشهور من مذهب الإمام أحمد (رحمه الله)، على أن الرجوع في الهبة جائز للأب خاصة دون الأم، ولكن بعض أهل العلم ذهب إلى العموم وقال: لا فرق بين الأب والأم لأن الحديث يقول: الوالد والأم لا شك أنها والدة.
ومن فوائد الحديث: أنه لا فرق بين أن يكون الولد صغيرًا أو كبيرا؛ لقوله:«ولده» لأنها مفرد مضاف فيعم، ولا بين أن يكون ذكراً أو أنثى، ولا بين أن يعطيه ويعطى إخوانه أو لا، ولا بين أن يكون نفقة أو غير نفقة، المهم أن الحديث عامّ، فهل نأخذ بهذا العموم؟ فالجواب: أن الأصل الأخذ بالعموم، ولكن إذا وجدت أدلة تخصص هذا العموم فإنه يخصص فننظر الوالد فيما يعطي ولده يشمل الصغير والكبير، ليس فيه تخصيص، الوالد فيما يعطي ولده إذا كان حيلة على أن يفضل بعض الأولاد مثل أن يعطي الولدين كل واحد سيارة، ثم يرجع في عطية أحدهما وهو من الأصل إنما أراد أن يفضل، فهنا نقول: الرجوع حرام، ما الدليل على التخصيص؟ قول النبي (صلى الله عليه وسلم): «إنما الأعمال بالنيات، وإنما لكل امرئ ما نوى»، هل يشمل ما أعطاه للنفقة وما أعطاه تبرعا؟ نقول: لا؟ لا يشمل؛ لأن ما أعطاه للنفقة لا يجوز الرجوع فيه؛ لأن النفقة واجبة، فلو أعطاه مثلاً عشرين ألفا مهرا يتزوج به، فإنه لا يجوز أن يرجع فيه، وذلك لأن الإنفاق واجب عليه، ولا يمكن أن يُسقطه، هل يشمل ما إذا رجع في هبته ليعطيها لولد آخر أو ليتملكها هو؟ لا يشمل هذا فلو رجع في عطية زيد من أبنائه ليعطيها لعمرو الابن الثاني، كان هذا الرجوع حرامًا؛ لأنه قصد به المحرّم وهو التفضيل، وما قُصد به المحرم كان حرامًا.