العلماء: إنها كالإبل تسلم، وقال آخرون: بل هي كالغنم لا تسلم، وهو الصحيح أنها لا تسلم، الواقع أن الحمير لا تمتنع من صغار السباع تأكلها الذئاب، بل هي من أكثر الحيوانات جبنا، يقولون: إن الشاة ربما إذا شمّت رائحة الذئب تهرب، لكن الحمار إذا شم رائحة الذئب فرّق بين رجليه وجعل يبول ولا يتحرك، هذا هو المشاهد، فإذن نقول: إنها لا يمكن أن تُقاس على الإبل، لأنها لا تتحمل أن تأكل الشجر وترد الماء حتى يجدها ربها، بل هي من أجبن الحيوان، كما أنها أيضا من أبلد الحيوان، ولهذا قال لى بعض مشائخنا: الحمار أدل ما يكون لمكانه الذي يستوطنه؛ لأنه ليس عنده تفكير مركب على الأمور الحسية، ويقول: ولذلك مَن ليس عندهم تفكير من بني آدم تجدهم أدل ما يكون للبيوت، لكن هذا الظاهر أنه غير مُسَلم، إنما بالنسبة لدلالة الحمار إلى بيته ومأواه هذا شيء مشهور وهو يعلله - شيخنا هذا- بأنه بليد لا يفكرلذلك كان فكره سطحياً.
بقي علينا مسائل تتعلق بالحديث إذا وجد شاة فمن المعلوم أن الشاة تحتاج إلى نفقة من أكل، وشرب، وتدفئة، فهذه النفقات على من؟ هذه النفقات على صاحبها حتى تتم سنة، فإذا تمت سنة فهي على الواجد.
ثانيًا: إذا كانت فيها نماء ونتاج كما لو كانت شاة فيها لبن فيها ولد فلمن يكون النماء؟ النماء قبل تمام السنة لصاحبها، وبعد تمام السنة لواجدها، لماذا؟ لأنها قبل تمام السنة ملك لصاحبها، وبعد تمام السنة ملك لواجدها، النماء المتصل كالسمن؛ لأن اللبن والولد نماء منفصل، النماء المتصل كالسمن يعني: هذه سمنت فهل هو لصاحبها أو لواجدها؟ ما كان قبل الحول فلا شك أنه لصاحبها، لأن عليه النفقة وله الغنم، وما كان بعد الحول فهو لواجدها، وقال بعض العلماء: بل النماء المتصل تابع لها مطلقا، وعلى هذا فيكون لصاحبها إذا وجد، وعلل ذلك فقال: إن النماء المتصل لا يمكن تمييزه بخلاف النماء المنفصل، فالدماء المنفصل قبل الحول لصاحبها وبعده لواجدها، والنماء المتصل كله لصاحبها، لكن الصحيح أنه ما كان قبل الحول فهو لصاحبها وما بعده لواجدها، فإذا قال قائل: كيف نميزه؟ نقول: تُقوم هذه الشاة عند تمام الحول تساوي مائتين وبعد أن وجدنا صاحبها لمدة شهرين أو ثلاثة صارت تساوي بسبب السمن مائتين وخمسين فالفرق إذن خمسون ريالاً فتكون للواجد؛ لأنها نمت بما يقابل الخمسين، وهي على ملك الواجد، وهذا القول هو الصحيح، لأن النفقة بعد تمام الحول على الواجد، فإذا كان له الغرم فيجب أن يكون له الغنم في مقابل غرمه.