الفرائض بأهلها فأعطينا الزوج والأم والإخوة من الأم كل واحد نصيبه، ولم يبق لك شيء، فأدلى علينا بقياس قال: إذا كان الإخوة من الأم مدلين بجهة واحدة وهي الأمومة، وأنا مدل بجهتين وهي الأمومة والأبوة، فأنا أحق بالميراث منهما، فماذا نقول؟ نقول له: أولاً: لا قياس مع النص، ولا تفكر أننا نلغي مدلول النص من أجل قياسك، لأننا نعلم أن قياسك فاسد، وكل قياس يخالف النص فهو فاسد.
ثانيًا: أن قياسك هذا لا يطرد، أرأيت لو كان يوجد بنت بدل الأم هل يرث الإخوة من الأم شيئا؟ لا، وأنت ترث فكيف القياس؟ !
ثالثا: لو فرضنا أن الميتة هذه ماتت عن زوجها وأخويها من أمها وثلاثة إخوة أشقاء، فكانت المسألة من ستة، لزوجها النصف ثلاثة، ولأخويها من أمها الثلث اثنان، والباقى وأحد للأشقاء الثلاثة بإجماع المسلمين، ليس للإخوة الأشقاء ثلاثة إلا واحد، يعني: نصف ما للأخوين من الأم، فأين القياس؟ إذن نقول: هذا قياس فاسد مصادم للنص فلا عبرة به.
فلو قال كما يذكر أن أحد الأشقاء لما تحاكموا إلى عُمر قالوا: يا أمير المؤمنين هب أبانا كان حمار -أنا ما أظنها تصح عن هذا الرجل؛ لأنه لو قال هذا أمام عمر لم يجد إلا الدارة فوق رأسه- فهذا غير صحيح؛ لأن الوصف الذي علق الشارع الحكم به لا يتغير وأنت من أصحاب التعصيب، إن بقي لك شيء فهو حقك، وإن لم يبق شيء فليس لك حق. إذن هذا الحديث يمكن أن نستدل به على القول الصحيح في مسألة الحميرية، فنقول: إن الإخوة الأشقاء يسقطون ولا شك، لأن هذا هو ما دل عليه الحديث، الحديث يقول (صلى الله عليه وسلم): «فأولى رجل»، فأولى هنا بمعنى: أقرب، وليست بمعنى أحق، لأننا لو جعلناها بمعنى أحق لكان العاصب الفقير وإن بَعُدَ أولى من العاصب القريب إذا كان غنيًا، وقد تكلمنا على الأقرب في أول شرحنا لهذا الحديث، وقلنا: إن هاهنا جهات خمسا: بنوة، أبوة، أخوة، عمومة، ولاء، فيقدم الأسبق جهة ثم الأقرب منزلة ثم الأقوى، وعلى هذا قال الجعبري (رحمه الله):
فابن ابن نازل أحق بالتعصيب من أب قريب، لو هلك عن أب وابن ابن نازل فللأب السدس لوجود الفرع الوارث، والباقي للابن النازل، لأنه أسبق جهة، ولو هلك عن ابن ابن وابن أبن ابن فالتعصيب للأول لأنه أقرب منزلة، ولو هلك عن أخ شقيق وأخ لأب فللأخ