أحرار ثم إن الأب عتق؛ لأن الإنسان إذا اشترى أباه عتق الأب واشترى عبدا فأعتقه ثم مات الأب وهما قد اشترياه نصفين، يعني: هي سلمت عشرة والابن سلم عشرة كيف يرثانه؟ يرثانه أثلاثا للذكر مثل حظ الأنثيين، وذلك لأنهما يرثانه بجهتى تعصيب، تعصيب نسب وتعصيب ولاء سبب أيهما أقوى؟ تعصيب النسب إذن يرثانه بتعصب النسب فيكون أثلاثا، مات العتيق عتيق الابن كيف يرثانه؟ البنت لا ترث؛ لأن ابن المعتق يعصب بالنسب فهو أقوى من تعصيبه لأبيه بالولاء، فيكون ميراث المعتق لابن المعتق لا لبنته وكذلك الآن أنه لا غرابة أن يغلط فيها إن صحت الرواية سبعون قاضيا من قضاة المدينة.
النهاية أن الولاء كما قال النبي (صلى الله عليه وسلم): «لحمة كلحمة النسب» لا يمكن استبداله لا بيع ولا هبة ولا بإرث ينتقل على أنه لحمة كلحمة النسب، ثم إن كان هذا السند معلولا لكن يشهد له حديث عائشة الثابت في الصحيحين أن النبي (صلى الله عليه وسلم) قال: «إنما الولاء لمن أعتق».
٩١٧ - وعن أبي قلابة، عن أنس (رضي الله عنه) قال: قال رسول الله (صلى الله عليه وسلم): «أفرضكم زيد بن ثابت». أخرجه أحمد، والأربعة سوى أبي داود وصححه الترمذي، وابن حبان، والحاكم، وأعل بالإرسال.
هذا الحديث -كما قال المؤلف - أعل بالإرسال والعلة أحد أسباب القدح في الحديث؛ لأن من شروط الصحة أن يكون غير معلل ولا شاذ، فالحديث إذن ضعيف وعلى تقدير صحته فإنه خطاب لقوم معينين وليس خطابا للأمة جميعها لم يقل الرسول (صلى الله عليه وسلم) أعلم أمتي بالفرائض زيد بن ثابت ولا أفرض أمتي زيد بن ثابت وإنما قال: «أفرضكم» والخطاب لقوم معينين وهذا على تقدير صحته مرفوعا إلى رسول الله (صلى الله عليه وسلم) لا يقتضي أن يكون زيد أفرض هذه الأمة ثم على فرض أنه موجه للأمة لا يقتضي أن يكون زيد معصوما من الخطأ؛ لأني إذا قلت: فلان أعلم من فلان لا يعني أن الأعلم معصوم، فإن الأعلم قد يخطئ لأنه ليس أحد من الناس حاويا لجميع العلوم، ما من عالم إلا وفوقه أعلم منه كما قال تعالى:{وَفَوْقَ كُلِّ ذِي عِلْمٍ عَلِيم}[يوسف: ٧٦]. حتى تنتهي إلى علام الغيوب (عز وجل).
فالحاصل: أن الحديث أولاً ضعيف، ثانيا لو صح فهو مخاطب به جماعة معينة، ثالثًا لو فرض عمومه للأمة فلا يستلزم عصمة زيد من الخطأ، ولهذا لا يمكن لأي إنسان أن يحتج علينا في مسألة فرضية بأن هذا قول زيد بن ثابت، لأننا نقول في جوابه زيد بن ثابت غير معصوم حتى لو