للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

جعلناها حجازية أم تميمية، لكن اختلف الحجازيون والتميميون في عملها، فالحجازيون أعملوها بشروط والتميميون أهملوها مطلقا، وقال الشاعر يصف معشوقته:

(ومُهفهف الأعطاف قلتُ له انتسب ... فأجاب ما قتل المحاسب حرام)

ما هنا تميمية، هنا نقول في الحديث هي تميمية ونقول: ينبني على الإعراب.

يقول: وحقه مبتدأ «لامرئ» مضاف إليه ومسلم صفة لامرئ «له شيء»، صفة لامرئ يريد صفة لشيء، «يبيت ليلتين» يُحتمل أن تكون صفة لامرئ، ويحتمل أن تكون خبر المبتدأ، يعني: ما حقه أن يبيت ليلتين إلا ووصيته مكتوبة عنده وإلا أداة حصر والواو «وصيته» للحال «ووصية» مبتدأ و «مكتوبة»، خبره، فالإعراب الآن واضح.

«ليلتين»، ما إعرابها؟ ظرف منصوب على الظرفية، وهي في محل نصب خبر يبيت؛ لأن بات ترفع المبتدأ وتنصب الخبر واسمها هنا مستتر وليلتين ظرف هو الخبر.

قوله: «ما حق»، يعني: ما الذي ينبغي له أن يفعل فهنا حقه بمعنى: المنتفي، أي: ليس ينبغي له أن يبيت ليلتين إلا ووصيته ... إلخ.

وقوله: «امرئ مسلم»، يُقال للرجل ويقال للمرأة امرأة، وكثيراً ما يرد علينا نصوص في الكتاب والسنة تقييد الخطاب أو الحكم بالرجال، وهذا من باب التغليب الشرف الرجال على النساء، والقاعدة: أن ما ثبت في حق الرجال، يثبت في حق النساء إلا بدليل، وقوله: «مسلم» ضدها الكافر، فهل نقول: إن هذا قيد شرطي أو قيد أغلبي؟ فيه خلاف، بعضهم قال: إنه شرطي، وبعضهم قال: إنه أغلبي، وأن الذي عليه الحق ليس له أن يبيت إلا ووصيته مكتوبة.

وقوله: «شيء» كلمة شيء من أعم إن لم تكن أعم شيء، تشمل المال والتصرف والمنافع والاختصاصات، كل شيء، ليس له حق ... إلخ.

وقوله: «يريد أن يوصى فيه»، أي: يعهد به إلى أحد.

«بيت ليلتين»، يعني: ليس له الحق أن يبيت ليلتين، وكلمة ليلتين هل هي من باب المبالغة فيكون المراد يبيت زمنا قليلاً أو من باب التحديد وأن الشارع أعطى مهلة للإنسان يفكر في أمره ويتروى، ولكنه لم يمد له في الأجل خوفا من أن يهاجمه الموت، فجعل له ليلتين يفكر في نفسه ويستخير ربه ويشاور غيره؟ الظاهر الثاني، وأن الشرع له قصد، يعني: أنه لا يتأخر عن ليلتين، لكن إن زاد يكون مُفرطا.

وقوله: «إلا ووصيته» معروفة، ولم يقل: إلا وقد كتب وصيته، بل قال: «مكتوبة»، ليعم ما إذا كتبها هو بيده أو كتبها غيره، والمراد بالكتابة هنا الكتابة المعروفة التي يُعتمد عليها؛ لأنه ليس كل كتابة تكون عمدة، فالكتابة التي ليست مشهورة بين الناس لا تفيد إلا إذا صدقت من جهة رسمية كالمحاكم مثلاً.

<<  <  ج: ص:  >  >>