للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

ومن فوائد الحديث: أن الموصى به لا يتقيد بشيء معين، لقوله: «له شيء يريد أن يُوصي به»، ولكنا نقول: هو مطلق «له شيء، لكن يجب أن يكون مقيدا بالشرع، فلو أن الإنسان أوصى بشيء محرم بأن أوصى بعشرة آلاف ريال يشترى بها خمر لمن أراد أن يشرب الخمر، فهذا لا يجوز، إذن هذا المطلق يقيد بالشرع بما دلت الشريعة على جوازه.

ومن فوائد الحديث: أن تخيير الوصية لا يكون أكثر من ليلتين لقوله: «يبيت ليلتين» فإنه إذا بات أكثر من ليلتين ليس له حق في ذلك، وهو يدل على أنه يجب أن يبادر بالوصية إذا كان يريد أن يُوصي بشيء، لكن كما تعلمون هذا إذا كانت الوصية واجبة أما إذا كانت غير واجبة فله الحق أن يبيت ليلتين أو أكثر.

ومن فوائد الحديث: العمل بالكتابة لقوله: «إلا ووصيته مكتوبة عنده».

ومن فوائده: أن الكتابة أبلغ في الحفظ من السماع، وجهه أنه لم يقل: إلا وقد أشهد على وصيته بل قال: «مكتوبة عندمه، ومن ثم نعرف أن من طعن بحديث عمرو بن شعيب عن أبيه عن جده أنه إنما يروي الحديث عن صحيفة، فإن طعنه مطعون فيه، لماذا؟ لأن الرواية من الصحيفة إذا كانت محفوظة لم تختلف فيها الأيدي أثبت من الرواية عن طريق السماع والحفظ؛ لأن الكتابة أوثق.

قوله: «إلا ووصيته مكتوبة» لو قال قائل: الحديث يدل على مطلق الكتابة، فهل هذا مراد؟ فالجواب: لا المراد به الكتابة التي تثبت بها الوصية، وما هي الكتابة التي ليست بوصية؟ هي الكتابة المعروفة أو الموثقة من طريق يحصل به التوثيق، فلو أن الشخص مثلاً كتب وصية لكن خطه غير معروف فهل تفيدنا شيئا؟ لا، فلابد أن يكون خطه معروفا أو موثقا من قبل جهة يحصل بها التوثيق كالمحكمة أو الإمارة أو إمام الحي، المهم لابد أن تكون الوصية معروفة أو موثقة.

ومن فوائد الحديث: أنه ينبغي للإنسان أن يحتفظ بالوثائق وألا يهمل فيها لقوله: «عنده» لا يهمل ويفرط بل يحفظ الوثائق؛ لأن الإنسان إذا أهمل فربما يزاد في الشيء ويُنقص، فإذا كان الشيء عنده وفي حوزته كان ذلك أضبط.

ومن فوائد الحديث: الرد على الجبرية، وهذه مسألة عقدية، لقوله: «يريد أن يُوصى فيه»؛ لأن الجبرية لا يثبتون للإنسان إرادة، بل يقولون: الإنسان يتحرك بدون إرادة، فالذي يحرك يده

<<  <  ج: ص:  >  >>