للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

?

لأن الحاجة قد تدعو إليه، وهذا ليس فيه شيء من الذل، حتى نقول: إنه يكره كما يُكره السؤال؛ لأن ذلك مما جرت به العادة، ولا يعد الناس في هذا ذلاً.

بالنسبة للاستيداع يعني: أخذ الوديعة ليحفظها لغيره هل هو مباح أو لا؟ . الجواب: أنه مستحب لأنه إحسان، فكم من إنسان تضيق به الأرض وهو يحب أن يجد من يقبل ماله ليكون وديعة عنده فيكون ذلك من الإحسان والإحسان مطلوب؛ لأن الله قال: {وَأَحْسِنُوا إِنَّ اللَّهَ يُحِبُّ الْمُحْسِنِينَ} [البقرة: ١٩٥]. فصار التوديع مباحًا والاستيداع بمعنى: أخذ الوديعة مستحبة.

يد الوديع، يعني: المودع يد أمانة أو يد ضمان؟ يد أمانة، ولهذا تُسمَّى الوديعة عند العامة عُرفا تُسمّى أمانة، إذن يده يد أمانة وإذا كانت يده يد أمانة فلا ضمان عليه فيما لو تلفت الوديعة، إلا أن يتعدى أو يفرط فما هو التعدي؟ التعدي: فعلُ ما لا يجوز، والتفريط: ترك ما يجب، ويظهر هذا بالمثال لو أن شخصًا أودعك شيئًا تتلفه الشمس فوضعته في مكان تأتيه الشمس، هذا تفريط لأنك لم تفعل ما يجب من تظليله عن الشمس، ولو أنه أودعك شيئا ثم استعملته لنفسك، فهذا تعد لأنه فعل ما لا يجوز، ومن ذلك لو أودعك دراهم ثم استعملتها واشتريت بها حاجة لك أو أقرضتها أحدًا فإنك تعتبر متعديًا لأن الوديع لا يحل له أن يتصرف في الوديعة أي تصرف كان.

(٩٢٣) - عَنْ عَمرو بن شعيب، عَنْ أبيه، عَنْ جَده (رضي الله عنه) عن النبيّ (صلى الله عليه وسلم) قَالَ: «مَنْ أودع وَدِيعَةً، فَلَيْسَ عَلَيْهِ ضمان». أخرَجَهُ ابْنُ مَاجَهُ، وَإسْنَادُهُ ضعيف.

من أودع يعني: أعطي وديعة أي: مودوعة أي: مجعولة عنده على سبيل الحفظ فليس عليه ضمان وذلك لأن يده يد أمانة وليست يد ضمان فليس عليه ضمان، لكن إن تعدى وفرط فهو ضامن، لأن التعدي أو التفريط خلاف الأمانة، إذا كان المودع يده يد أمانة فهل يقبل قوله في ردها إلى صاحبها، يعني: لو أن صاحبها أتى إليه يومًا من الدهر وقال: إني قد أودعتك كذا وكذا، فقال: نعم ولكن رددتها إليك فهل يُقبل؟ نعم، يقبل لأن يده يد أمانة، والذي أودعه هذا الشيء ائتمنه بلا شك وهو محسن، وما على المحسنين من سبيل، لو أودعه بأجرة كما يُصنع في بعض البنوك الآن يجعلون صناديق خاصة للودائع فأودعها إياه بأجرة هل يقبل قوله في الرد؟ عند الفقهاء لا يُقبل قوله في الرد؛ لأنه قبضها لمصلحة نفسه لا لمصلحة مالكها بخلاف المودع مجانًا، فإنه قبضها لمصلحة مالكها فيكون محسنا، وقد قال الله تعالى: {مَا عَلَى الْمُحْسِنِينَ مِن سَبِيلٍ} [التوبة: ٩١]. أما أخذها بأجرة فقد قبضها لحظ نفسه فلا يكون محسنا،

<<  <  ج: ص:  >  >>