وجب عليه أن يتزوج، وهذا جزء من القول الذي أشرنا إليه آنفا وهو وجوب النكاح على من استطاعة». لأن القائلين بالوجوب يقولون: يجب وإن لم يخف الزنا ما دام فيه شهوة فيجب عليه أن يتزوج.
الثاني: ويكون حرامًا إذا كان في دار الحرب، يعني: مثلاً لو أننا كنا نقاتل الكفار ونحن في بلادهم فإن النكاح هنا يحرم؛ لأنه يخشى من استرقاق الولد ربما يستولي الكفار علي المسلمين ويسبوا ذريتهم فيسترقون أولادهم، وما لا يتم دفع الحرام إلا به فهو واجب، إذن فاجتناب النكاح واجب لكن قالوا: إذا كانت هناك ضرورة بأن خاف الزنا بتركه فإنه يجوز.
الثالث: ويكره لإنسان فقير ليس له شهوة، لماذا؟ لأن هذا الزواج لا يستفيد منه إلا الإزهاق، يرهق نفسه بالإنفاق على زوجته ورعايتها، وهذا لا شك أنه شاق لا داعي له ما دام الرجل ليس فيه شهوة فلا حاجة للتزوج.
الرابع: المباح، ويكون لإنسان له شهوة ولكن لا مال له، فهنا نقول: يُباح لك النكاح من غير وجوب أو استحباب، وذلك لأنك غير قادر على الباءة، فإذا تزوجت فهذا مُباح، لكنه ليس مستحبًا بل هُوَ من باب المباح، وكذلك الإنسان الذي عنده مال وليس له شهوة فالنكاح في حقه من قسم المباح؛ لأنه ليس فيه ما يدعو إلى النكاح لكن إذا تزوج صار فيه مصلحة، فالزوجة تخدمه وهو أيضًا يعف الزوجة ويحصل فيه مصالح.
الخامس: المسنون، وهو الأصل؛ ولذلك نجد أن الأحكام الأربعة الأخرى كلها تحتاج إلى سبب يحولها من الاستحباب إلى الوجوب أو التحريم أو الكراهة أو الإباحة.
من فوائد هذا الحديث: حسن تعليم الرسول (صلى الله عليه وسلم) وبيانه لأمته، وهو أنه إذا ذكر الحكم ذكر علته؛ لأن ذكر العلة فيها فوائد ثلاث:
الفائدة الأولى: بيان سمو الشريعة وعلوها، وأن أحكامها كلها مبنية على رعاية المصالح.
الفائدة الثانية: زيادة طمأنينة المخاطب؛ لأن المخاطب إذا عرف الحكمة اطمأن إلى الحكم أكثر وصار في ذلك أيضا زيادة حث له، لمن؟ للمخاطب، لأنه إذا عرف الحكمة واطمأن فإن ذلك يزيده رغبة في هذا الحكم، ولهذا قوله (صلى الله عليه وسلم) هنا: «أغض للبصر وأحصن للفرج»، لا شك أنه يرغب الإنسان في النكاح.
الفائدة الثالثة: قياس ما شارك هذا المعنى أو المحكوم به في المعنى، فإننا إذا وجدنا هذه