للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

واعتمدها الفرضيون -رحمهم الله- من أجل التمييز بين المسائل؛ لأنك لو قلت: هلك هالك عن زوج وبنت وأم، فالإنسان يُشكل عليه من هذا الزوج تعطيه ربع أو ثمن فإذا بين الزوجة، إذا كان المراد الأنثى زال الإشكال ولهذا اعتمد الفرضيون بالتزام التاء فيما إذا كانت أنثى، {وَخَلَقَ مِنْهَا زَوْجَهَا} يعني: حواء، هكذا سمّاها النبي (صلى الله عليه وسلم) حواء بالمد قال: «لولا حواء لم تكن أنثى زوجة، ولولا بنو إسرائيل لم يخنز اللحم» يعني: لكان اللحم لا يفسد لكن عُوقبوا فصار يفسد، {وَبَثَّ مِنْهُمَا} أي: من هذين الزوجين {رِجَالاً كَثِيراً وَنِسَاء} أيهما أكثر؟ النساء في الواقع أكثر من الرجال، واستدل شيخ الإسلام (رحمه الله) بقول النبي (صلى الله عليه وسلم) للنساء: «إنكن أكثر أهل النار»، وأن أهل النار من بني آدم تسعمائة وتسعة وتسعون من الألف وقال: هذا دليل على أن النساء أكثر، لكن قوله: {رِجَالاً كَثِيراً وَنِسَاء} وصف الرجال بالكثرة دون النساء، لأن كثرة الرجال هي التي تغني، أما كثرة النساء فليس فيها إلا العبء والعويل، وإن أردت أن تعرف انظر عند الشدائد من الذي يقابله؟ الرجال، والنساء لهن لطم الخدود وشق الجيوب ونتف الشعر، ولهذا وصف الرجال بالكثرة من أجل أن كثرتهم هي المفيدة، {وَاتَّقُوا اللَّهَ الَّذِي تَسَاءَلُونَ بِهِ وَالْأَرْحَامَ ... } إلخ، اتقوا الله والأرحام، فتقوى الله بطاعته، وتقوى الأرحام، أي: تقوى إثم الأرحام إذا قُطعت، وهذا يعني: الأمر بصلة الأرحام، ومَن الأرحام؟ هم الأقارب، قال الله تعالى: {وَأُولُو الْأَرْحَامِ بَعْضُهُمْ أَوْلَى بِبَعْضٍ} [الأنفال: ٧٥] ٠.

وليس الأرحام ما يتعارفه العامة اليوم وهم الأصهار؛ لأن الأرحام عند العامة هم أقارب الزوج أو الزوجة، ولكن اللغة العربية تُسمي أقارب الزوج والزوجة أصهارا: {إنَّ الله كانَ عَلَيْكُمْ رَقِيبًا} [النساء: ١٧٦] خف من هذه الجملة كان الله عليكم رقيبًا في كل الأحوال، فإن شئتم ألا تتقوا الله فافعلوا ولكن عليكم من الله رقابة.

أما الآية الثالثة فيقول: {يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آَمَنُوا اتَّقُوا اللَّهَ وَقُولُوا قَوْلًا سَدِيدًا} [الأحزاب: ٧٠] إلخ.

ففي هذه الآية يأمر الله المؤمنين بأن يتقوا الله ويقولوا قولاً صائبًا يحصل به سد الخلل، وما هُوَ القول السديد؟ هو كل قول يكون به مصلحة دينية أو دنيوية فهو قول سديد، ويشبه هذا قول النيي (صلى الله عليه وسلم): «مَنْ كانَ يُؤمن بالله واليوم الآخر فليقل خيرا أو ليصمت». أمر الله بشيئين وذكر جزاءين: {اتَقُوا الله وَقُولُواً قولا سديدا} الجزاء: {يُصلح لَكُمْ أَعُمالَكُمْ وَيَغْفِرَ لَكُمْ ذُنُوبَكُمْ} [الأحزاب: ٧١]، يصلح لكم أعمالكم في الدُّنيا سواء كانت الأعمال عملاً دنيويا أم عملاً دينيًا، فإن الله تعالى يُصلحه إذا اتقى الإنسان ربه وقال قولاً سديدا، {ويَغْفِرَ لَكُمْ ذُنُوبَكُمْ} أي: ما يقع منكم من الذنوب يغفره

<<  <  ج: ص:  >  >>