للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

?

فإن قال قائل: كيف قلت: إنها بالرفع «أيما» مع أنها بالنصب في قوله تعالى: {أيّا مَا تَدْعُوا فَلَهُ الأسْمَاءُ الْحُسْنَى} [الإسراء: ١١٠]؟

فالجواب: أنها في الآية الكريمة مفعول به مقدم: {أيّا مَا تَدْعُوا}، وفي هذا الحديث مبتدأ «أيما امرأة نكحت»، قوله: «امرأة» نكرة في سياق الشرط فتعم الثيب والبكر.

وقوله: «بغير إذن وليها فنكاحها باطل»، أي: ولم يقل: بغير بوليّ؛ لأن الولي قد يأذن بالتزويج على سبيل التوكيل، فإن باشره بنفسه فالمباشرة أقوى من الإذن، لكن ربما لا يباشر ويأذن بالتوكيل فيكون الحديث شاملاً لهذا، وقوله: «بغير إذن وليها»، لو قال قائل: لو أذن وليها لها أن تُزّوج نفسها؟ فالجواب: أن ذلك لا يصح، لأنها لو كانت أهلاً لتزويج نفسها فرعًا عن غيرها لصح أن تكون أهلاً لتزويج نفسها أصلاً من نفسها، ولهذا نقول: «من لا يصح تصرفه في شيء لا يصح أن يكون وكيلاً فيه»، وعلى هذا فليس في الحديث دليل على أن الولي لو أذن لها أن تزوج نفسها لصح النكاح.

وقوله: «فنكاحها باطل»، الباطل في اللغة العربية: الضائع الذاهب سدى، والعقد الباطل هُوَ الذي لا يترتب عليه أثره والنكاح يترتب عليه آثار عظيمة منها حل المرأة للزوج ولحوق الأولاد به ووجوب النفقات، وغير ذلك من الأحكام الكثيرة، كل هذه الأحكام لا تترتب إذا كان النكاح باطلاً، ومَنْ زوّجت نفسها بغير وليها فنكاحها باطل.

قال: «فإن دخل بها»، فاعله يعود على الزوج وإن لم يسبق له ذكر فالسياق يقتضيه، قال: «دخل بها»، يعني: جامَعَهَا، وهذا هُوَ معنى الدخول بالمرأة كما في قوله تعالى: {مِّن نِّسَآئِكُمُ اللاَّتِي دَخَلْتُم بِهِنَّ} [النساء: ٢٣]. أي: جامعتموهن، فالدخول بالمرأة يعني: جماعها.

قال: «فلها المهر بما استحل من فرجها»، ف «لها»، أي: للمدخول بها المهر بما استحل من فرجها. ولم يقل: فإن دخل بها فهي زوجته، قال: «لها المهر» ولكنها هي حرام عليه، لكن لما استحل فرجها بهذا العقد الفاسد صار لها المهر، والمهر العوض الثابت للمرأة بعقد نكاح وما الحق به.

قال: «فإن اشتجروا»، الواو في قوله: «اشتجروا» يعود على الأولياء، فإذا قال قائل: أين مرجعه، وكيف يعود الضمير على غير مرجع؟ فالجواب: أن مرجعه معلوم من السياق؛ لأنه قال: «بغير إذن وليها فإن اشتجروا»، يعني: الأولياء تنازعوا فيما بينهم، «فالسلطان ولي مَنْ لا ولي له»، وصورة الاشتجار: أن يقول الأب: لا أزوج بنتي هذا الرجل، فيقول العم: سأزوجها أنا، فيقول: إن زوجتها لأفرغن برأسك عشر رصاصات، هله ممكن أن يقع عند البادية يحصل

<<  <  ج: ص:  >  >>