يقول:«جارية بكرًا»، هو عطف بيان يبين أن هذه الجارية بكرا ليست ثيبا، «أتت النبيّ ... » إلخ.
قوله:«زوجها وهي كارهة»، الجملة هنا حال، يعني: والحال أنها كارهة لم ترض الزواج أو لم ترض الزوج، «فخيرها رسول الله (صلى الله عليه وسلم)، خيرها بين أن تبقى مع الزوج أو تفسخ النكاح مع أنها بكر والولي أبوها.
وقول المؤلف على هذا الحديث:«أعِلُ بالإرسال»، العلة: وصف خفي لا يطلع عليه إلا جهابذة العلماء يوجب القدح في الحديث؛ وذلك لأن العلة إذا كانت ظاهرة فإنها تكون معلومة كل يطلع عليها مثل لو أسند الإمام أحمّد حديثًا إلى عمر بن الخطاب علة هذا الحديث ظاهرة واضحة لكن لو يأتي إنسان معاصر لشخص يسند الحديث إليه ولكنه لم يسمع منه هذا يخفى على كثير من الناس أن الرجل المعاصر لم يسمع ممن أسند الحديث إليه، ولهذا قال ابن حجر (رحمه الله) في شرح «نخبة الفكرة»: هذا من أغمض أنواع الحديث، يعني: أنه غامض، الإرسال علة لا شك، والذي فات فيه اتصال السند، لكن إذا روي الحديث مرسلاً تارة وموصولاً أخرى وكان الواصل ثقة فإن هذه العلة لا تقدح؛ لأن مع الثقة زيادة علم مثال ذلك: الحديث رواه أربعة (? ، ? ، ٣، ٤) تارة يروى الحديث بهذا السند كله أربعة رجال، وتارة يروى بسند (? -? -٤) فيسقط واحد، هذه الرواية مرسلة، لكن إذا كان راوي الأولى ثقة فإن الإرسال في الثانية لا يقدح، لماذا؟ لأن معه زيادة علم، واحتمال النسيان في الرواية الثانية وارد، قد يكون الراوي الذي أرسله نسي، إذن العلة هنا غير قادحة لا على رأي الفقهاء ولا على رأي المحدثين؛
لأن له شواهد تؤيده منها ما ثبت في الصحيحين فيما سبق:«لا تُنكح البكر حَتَّى تُستأذن»، وفي رواية لمسلم صريحة:«البكر يستأذنها أبوها»، فإذا كانت لا تُنكح حَتَّى تُستأذن، فإن أنكحت بغير استئذان صار النكاح منهيًا عنه، ولكن يرد علينا إذا كان منهيًا عنه فكيف نخير المرأة؟ أفليس القاعدة أنه إذا كان منهيا عنه ألا يصح ثم إن اختارت النكاح جددنا العقد؟ فيقال: إن النهي هنا ليس لحق الله (عز وجل) وإنما هو لحق الآدمي، فإذا رضي الآدمي بإسقاط حقه وإمضاء العقد فإن العلة -علة النهي- تزول، ولهذا خيرها النبي (صلى الله عليه وسلم) ولم يفسخ النكاح.
ومن فوائد الحديث: أنه يجوز للإنسان أن يشكو والده عند القاضي في الحقوق الخاصة، مثلاً: لو أن والده أبى أن يزوجه وهو فقير وأبوه غني فله أن يرفعه للحاكم ويطالبه بتزويجه؛ لأن هذه من الحقوق الخاصة التي لابد له منها، ولو أبى أن ينفق عليه وهو فقير والأب غني فللولد أن يرفعه إلى الحاكم؛ لأن هذه من الحقوق الخاصة التي لابد للولد منها، فإذا زوّجه بواحدة