للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

امرأة قبيلية لشخص غير قبيلي زوجها أبوها ورضيت بذلك فجاء أعمامها يتحاكمون إلى الشيخ القاضي فقال لهم: لا بأس أنا أفسخ النكاح، ولكن بشرط أن تلزموا بالإنفاق عليها مدى الحياة وهو قاضٍ ذكي يعرف أنهم لن يلتزموا بذلك، تناظروا فيما بينهم وإذا الإنفاق عليها سيكون متعباً لهم، فقالوا: لا، فقال: ارجعوا وراءكم، وهذه لاشك أنها ذكاء من القاضي لعلمه أنهم لن يلتزموا، أما لو علمنا أنهم سيلتزمون لقلنا: إنكم ليس لكم حق، وسيذكر المؤلف (رحمة الله) ما يتعلق بهذا الأمر. وأما قوله: «الخيار» فيعني به: خيار العيب، وأعلم أن الخيار في النكاح له سببان بل أكثر: السبب الأول: العيب، يعني: أن يجد أحد الزوجين صاحبه معيباً، هذا واحد، الثاني: فوات صفة مشروطة مثل أن يشترط الزوج أن تكون الزوجة بكراً فيتبين أنها ثيب، أو أنها جميلة فيتبين أنها غير جميلة، المهم: فوات صفة مشروطة، السبب الثالث: ما سيذكره المؤلف من إسلام أحد الزوجين وما أشبه ذلك، فهذا الخيار إما سببه عيب في المرأة أو فوات صفة مشروطة يكون لمن له حق الخيار إن شاء فسخ النكاح وإن شاء أمضاه. هل هناك خيار شرط اختلف العلماء هل يثبت خيار الشرط في النكاح أو لا؟ فمنهم من قال: إنه يثبت بناء على أنه يشترط عند العقد أن لكل واحد منهم الفسخ لمدة ثلاثة أيام أو أربعة أيام، فمن العلماء من قال: يصح، ومنهم من قال: لا يصح، قال: لأنه إن كان خياراً للزوج فهو مستغن عنه بماذا؟ بالطلاق، يطلق بلا خيار، وإن كان الخيار للزوجة فإن الزوجة ناقصة في عقلها ودينها ربما إذا حصل من زوجها أدنى كلمة قالت: اخترت الفسخ فهدمت النكاح هذا هو الواقع، كما أخبر النبي (صلى الله عليه وسلم) بذلك قال: «إنك لو أحسنت إلى أحداهن الدهر كله ثم رأت منك سيئة واحدة قالت ما رأيت منك خيراً قط»؛ فلهذا لا يصح لها الخيار. والذي نرى في هذه المسألة التفصيل، وهو أنه إذا كان الخيار لغرض مقصود فلا بأس مثل أن تقول إن طاب لي سكنه في هذا البيت فذاك وإلا فلي الخيار، ثم تنزل على قوم يؤذونها مثلا نزلت على أناس عندهم إخوة متعددون كل واحد منهم له زوجة، كل زوجة لسانها أطول من ذراعها ويتعبون هذه المرأة فقالت له: أنا أشترط لنفسي أنه إذا لم يطب لي المسكن فلي الخيار هذا جائز؛ لأنه لغرض مقصود ليس خيارا مطلقاً بل هو خيار لغرض مقصود. إذن خيار عيب، خيار فوت صفة مشروطة، خيار شرط.

<<  <  ج: ص:  >  >>