للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

لثبت له هذا الحكم، وقوله: «أو امرأة في دبرها» كذلك لا ينظر الله إليه ولو كانت امرأته، لأن هذا نوع من اللوطية. ففي هذا الحديث يقول المؤلف: إنه أعل بالوقف يعني: بعض الرواة رواه موقوفاً، أو أن بعض الحفاظ قال: إنه موقوف، وسبق لنا أن الإعلال بالوقف ليس بعلة إلا إذا كان الرافع غير ثقة، أما إذا كان الرافع ثقة فالصحيح أن الوقف ليس بعلة، ولو أن أحدا أعله بالوقف قلنا: هذه العلة غير قادحة، وأظننا قد عرفنا الفرق بين الرفع والوقف، الرفع ما نسب إلى النبي (صلى الله عليه وسلم)، والوقف ما نسب إلى الصحابي، ونحن نقول: إذا قال أحد الحفاظ: إنه موقوف على الصحابي ابن عباس فالجواب عن ذلك من وجهين:

الوجه الأول: أن الإعلال بالوقف ليس بعلة إذا كان الرافع ثقة؛ لأن الرفع معه زيادة علم ووجه الزيادة أن سند الموقوف ينتهي إلى الصحابي وسند المرفوع إلى النبي (صلى الله عليه وسلم) فهذه زيادة، ثم نقول: إن الصحابي أحيانا يسند الحديث إلى النبي (صلى الله عليه وسلم) إذا قصد الرواية ولابد أن يسنده إذا قصد الرواية، وأحيانا يقول الحديث من عند نفسه إذا قصد الحكم فيسمعه السامع ولم يسمعه قبل مرفوعاً إلى الرسول (صلى الله عليه وسلم) فيظنه موقوفاً. وهذا الحديث نقول: إنه حتى لو ثبت أنه موقوف على ابن عباس فإن مثل هذا لا يقال بالرأي فيثبت له حكم الرفع، لأن الوعيد بأن الله لا ينظر لا يمكن أن يأتي به ابن عباس من عند نفسه، فيثبت له حكم الرفع. فإن قال قائل: أنتم لا تحكمون بالرفع في قول الصحابي المعروف بالأخذ عن بني إسرائيل، وابن عباس عرف بالأخذ عن بني إسرائيل؟ فالجواب عن ذلك أن نقول: هذا في أمور الغيبيات، أما في الأحكام الشرعية فإن ابن عباس وإن كان قد أخذ عن نبي إسرائيل ما أخذ في الترغيب والترهيب لا يمكن أن يأخذ عن بني إسرائيل ما يتعلق بالأحكام الشرعية؛ لأن هذا يقتضي شرع شيء في الشريعة المحمدية مأخوذ عن بني إسرائيل، ومثل هذا لا يمكن أن يقدم عليه ابن عباس (رضي الله عنه) فمثلا لو أن ابن عباس أراد أن يسند الحديث إلى الرسول لابد أن يبلغ الرسول (صلى الله عليه وسلم)، وأحيانا يريد أن يبين الحكم الشرعي فهنا ربما يقوله من عند نفسه فيسمعه من يرويه عنه فيظنه من قوله فيرويه موقوفاً، ثانياً: قلنا: إن هذا الحكم لا مجال للرأي فيه، فلو فرض أن منتهاه ابن عباس فإن مثله لا يقال بالرأي وحينئذ يثبت له حكم الرفع فإن أورد علينا شخص أن ابن عباس ممن عرف عن الأخذ عن بني إسرائيل، ونحن نقول: إن قول الصحابي يثبت له حكم الرفع إذا لم يعرف بالأخذ عن بني إسرائيل، فالجواب: أن هذا حكم شرعي ليس فيما يتعلق بالترغيب والترهيب.

<<  <  ج: ص:  >  >>