ومن فوائده: أن النفقة بقدر الغنى لقوله: {إذا أكلت} {تكسوها إذا اكتسبت} , ويدل قوله تعالى: {لينفق ذو سعة من سعته ومن قدر عليه رزقه فلينفق مما آتاه الله} [الطلاق: ٧] {قدر عليه} يعني: ضيق عليه, يعني: في مقابله, فقوله: {لينفق ذو سعة}. نفهم منه أن من قدر ضيق. فإذا قال قائل: إذا أعسر الزوج بعد الغنى فهل للزوجة حق في المطالبة بالنفقة أو الفسخ؟
* فالجواب على ذلك أن فيه قولين للعلماء:
الأول: أن لها الحق في طلب الفسخ؛ لأنه لم يقم بالواجب عليه.
والقول الثاني: أنه ليس لها الحق في ذلك؛ لأن هذا شيء بغير اختياره وعموم قوله تعالى: {لا يكلف الله نفساُ إلا وسعها} [الطلاق: ٧]. يدل على أن من لم يؤته شيئاً فغنه لا يكلفه والمسالة فيها للعلماء أخذ ورد ومناقشات, وسيأتي ذكرها في باب النفقات.
ومن فوائد الحديث: النهي عن ضرب الوجه بقوله: "ولا تضرب الوجه". ومن فوائده: جواز الضرب مع غير الوجه؛ لأن منطوق الحديث عن ضرب الوجه مفهومه جواز ضرب غير الوجه. فإن قال قائل: هل الإنسان مخير متى شاء ضرب زوجته؟ قلنا: لا, بل لا يضربها إلا لسبب, وقد بين الله تعالى مراتب التأديب فقال: (فعظوهن واهجروهن في المضاجع واضربوهن} [النساء: ٣٤]. فإذا جاز الضرب لوجود سبب الجواز فإنه لا يضرب الوجه.
ومن فوائد الحديث: تكريم الوجه, بحيث لا يضرب ولا يقبح ولا يتفل عليه, ولذلك لو أن أحداً تفل على وجه شخص لاستشاط غضبه ولو تفل على غترته من الخلف ربما دعاه لتنظيف الغترة, على كل حال: الشيء يختلف لو أن أحداً فعل ذلك في وجهك ما تركته إلا أن تخشى من شر أكبر.
ومن فوائد الحديث: النهي عن التقبيح المعنوي والحسي لقوله: "ولا تقبح", وليعلم أن الأصل في النهي التحريم, وقد يراد به الإرشاد أحياناً, وقد يراد به السنية حسب ما تقتضيه القرائن والأحوال.
ومن فوائد الحديث: تحريم الهجر خارج البيت وجوازه في البيت, ولكن لا يجوز إلا لسبب, ثم إن الهجر في الكلام لا يجوز أن يزيد على ثلاثة أيام مثل قول النبي صلى الله عليه وسلم: "لا يحل لمؤمن أن يهجر أخاه فوق ثلاث, يلتقيان فيعرض هذا ويعرض هذا وخيرهما الذي يبدأ بالسلام".
ومن فوائد الحديث: بيان شمول الشريعة الإسلامية, وأنها لم تدع شيئاً ينفع الناس في