في الوسط، و"لفظ الجلالة" فوق، حتى إذا انتهى من الكتاب ختمه بهذا الخاتم، وإنما اختار - عليه الصلاة والسلام- أن يكون خاتمه خاتما بيده؛ لأنه أحوط له من الضياع وآمن من التلاعب، خصوصا وأنه فيما سبق في عهد الرسول صلى الله عليه وسلم أكثر لباسهم إزار ورداء ليس هناك جيوب يضعون فيها الأشياء، فإذا قدر أنه جعله في ردائه وصر عليه ربما يتلاعب به.
ففي هذا الحديث من الفوائد:
أولا: جواز لبس الخاتم، وجه الدلالة: أن النبي صلى الله عليه وسلم لبسه ولم ينه عنه.
فإن قال قائل: إذن لماذا لا تقولون: إن لبس الخاتم سنة؟
نقول: لا نقول هذا؛ لأنه لا يظهر في لبسه أدب التعبد، وإنما اتخذه النبي - عليه الصلاة والسلام- لحاجة وهي الختم الرسمي كما يقولون، وعليه فنقول: إذا كان الإنسان ذا قضاء، أو حكم، أو إمرة، أو وزارة أو ما أشبه ذلك سن له أن يتخذ الخاتم اقتداء بالرسول صلى الله عليه وسلم، وكما عرفتم العلة في ذلك، وأما عامة الناس فإنه يجوز لهم اتخاذه، أما النساء فهو من زينتهن؛ ولهذا أبيح لهن التختم بالذهب، والعقيق، والفضة، وأما الرجال فلا يجوز لهم التختم بالذهب، ويجوز لهم التختم بالفضة.
ولكن لو قال قائل: إذا كنا في عصر لا يلبس فيه الخاتم إلا من كان مغمورا في الناس ومخالفا للمروءة؟
فنقول: إذا كنا في عهد هكذا فالأولى عدم لبسه؛ لأنه لا ينبغي للإنسان أن يعرض نفسه للغيبة، أو يعرض نفسه لما يكرهه الناس منه، أو ما أشبه ذلك، الإنسان يجب أن يحمي نفسه عن الأذى والضرر، حتى إن الرسول - عليه الصلاة والسلام- نهى أن يهين الرجل نفسه فيتكلم بما لا يطيق.
ومن فوائد هذا الحديث: أنه لا ينبغي الدخول للخلاء بشيء فيه ذكر الله، لأن الرسول صلى الله عليه وسلم كان إذا أراد دخول الخلاء وضع خاتمه.
فإن قال قائل: إذا كان الإنسان يخشى عليه لو دخل المرحاض ووضعه أن يسرق كما في المجامع، في المساجد، وفي الحرمين وفي غيرها؟