للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

فقوله صلى الله عليه وسلم: «من أعطى في صداق امرأة سويقًا» السويق هو الحب المحمص محموص يطحن ويثرد ويؤكل سواء كان من البر أو الشعير أو الذرة أو من أي حب كان، وقوله أو تمرًا معروف وقوله: «سويقًا» نكرة في سياق الشرط فتكون للعموم يعني قليلًا كان أو كثيرًا وقوله: «فقد استحل» أي حل له فرجها ولكن المؤلف أشار إلى ترجيح وقفه على جابر بن عبد الله رضي الله عنهما وتعلمون أن الموقوف ما كان منتهي سنده الصحابي أي ما أضيف إلى الصحابي ولم يثبت له حكم الرفع وهذا الذي ذكره هل نحكم له بالرفع؟ الجواب: لا؛ لأنه مما للاجتهاد فيه مجال وإذا كان للاجتهاد فيه مجال وهو قول صحابي فلا يحكم له بالرفع؛ لاحتمال أنه قاله تفقهًا أما الشيء الذي لا مجال للاجتهاد فيه ولم يكن الصحابي معروفًا عن الأخذ عن بني إسرائيل فهذا له حكم الرفع.

يستفاد من هذا الحديث أو الأثر إن لم يصح رفعه: أن الصداق يصح بكل قليل وكثير، يؤخذ من قوله: «سويقًا» حيث جاءت نكرة في سياق الشرط.

ومن فوائده: أن الصداق يصح بالطعام فلا يشترط أن يكون من النقدين الذهب والفضة لقوله: «سويقًا أو تمرًا».

ومن فوائده: أن المرأة لا تحل إلا بصداق لقوله: «فقد استحل» ولكن نظرًا إلى أنه ليس الغرض المعاوضة في عقد النكاح فإن النكاح يصح بلا تسمية مهر بخلاف البيع فإنه لا يصح حتى يعلم الثمن والفرق بينهما أن المقصود والغاية من البيع والشراء هو المعاوضة والربح فلابد أن يكون الثمن والمثمن معلومين لئلا يحصل التنازع أما المقصود بالنكاح فهو شيء وراء المال وهو ما يحصل من المصالح العظيمة في النكاح وليس الغرض المعاوضة فلهذا صح بدون تسمية مهر لكن لابد منه فعقد النكاح من وجه أصعب من البيوع والبيوع من وجه أصعب من النكاح، البيوع يصح أن أعطيك الشيء هبة دون أن أبيعه عليك والنكاح لا يصح إلا للنبي صلى الله عليه وسلم من هنا كان النكاح أصعب وأضيق، البيوع لا تصح إلا محررة الثمن والمثمن أي معلومة والنكاح يصح بدون تسمية المهر ويرجع في ذلك إلى مهر المثل وحينئذٍ نقول المهر له ثلاث حالات أن يعين، أن يسكت عنه، أن يشترط نفيه، فإذا عُين فلا إشكال، وإذا سكت عنه وجب مهر المثل وإذا شُرط نفيه فقد اختلف العلماء في ذلك على قولين:

القول الأول: أن النكاح لا يصح وهو اختيار شيخ الإسلام ابن تيمية رحمه الله يقول لأننا لو صححنا النكاح مع شرط نفي المهر لكان هذا هو الهبة.

والقول الثاني: أن النكاح صحيح والشرط فاسد وحينئذٍ يجب لها مهر المثل ولكن قول شيخ الإسلام أقوى وبناء عليه نقول لابد من تجديد العقد إذا سمي المهر يعني نلزمه بأن يفرض المهر أو يلغوا شرط نفيه ويعيدوا العقد من جديد.

<<  <  ج: ص:  >  >>