للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

فالجملة خبرية لكنها بمعنى الأمر وكذلك: {والَّذين يتوفون منكم ويذرون أزواجًا يتربَّصن بأنفسهنَّ أربعة أشهرٍ وعشرًا {.

قال أهل العلم: وفائدة إتيان الخبر في مكان الطلب الإشارة إلى تأكده، وكأنه أمر ثابت يخبر عنه، والعكس يأتي أحيانًا، أي: يأتي الطلب والمراد به الخبر، مثل قوله تعالى: {وقال الَّذين كفروا للَّذين ءامنوا اتَّبعوا سبيلنا ولنحمل خطاياكم} [العنكبوت: ١٢]. فاللام هنا للأمر لكنه بمعنى الخبر يعني وحن نحمل خطاياكم لكنهم أتوا به بضيغة الأمر من شدة التزامهم به كأنهم يقولون: ونحن نلزم أنفسنا بذلك، وقوله: "امرأة" نكرة في سياق النهي أو النفي فتكون للعموم، أيُّ امرأة سواء كانت أمَّا أم بنتًا أم أختًا أم عمة أم هالة، قوله: "على ميت فوق ثلاث" أي: ثلاث ليال، وإنما جاء الحديث بلفظ ثلاث دون ثلاثة كأنه- والله أعلم- موافقة للآية {والَّذين يتوفَّون منكم ويذرون أزواجًا يتربَّصن بأنفسهنَّ أربعة أشهرٍ وعشرًا} أي: عشر ليال، وهنا "فوق ثلاث" أي: ثلاث ليال، "إلا على زوج أربعة أشهر وعشرًا" يعني: إلا تحد على زوج أربعة أشهر وعشرًا؛ أي: عشر ليال.

وقوله: "أربعة أشهر" المراد بها: الهلالية لأنها هي الأشهر الشرعية الكونية أما كونها شرعية فلقوله تعالى: {شهر رمضان الَّذي أنزل فيه القرءان} [البقرة: ١٨٥]. وقد أجمع المسلمون على أن شهر رمضان هنا ما بين الهلالين لا ثلاثين يومًا وأما الكونية فقوله تعالى: {يسئلونك عن الأهلَّة قل هي مواقيت للنَّاس} [البقة: ١٨٩]. للناس عمومًا وقوله تعالى: {إنَّ عدَّة الشُّهور عند الله اثنا عشر شهرًا في كتاب الله يوم خلق السماوات والأرض منها أربعةٌ حرمٌ} [التوبة: ٣٦]. وهذا توقيت لجميع الخلق والتوقيت الذي يعمل به الكفار اليوم وتبعهم عليه المستعمرون من المسلمون توقيت لا أصل له؛ ولهذا لم يعرف هذا التاريخ في كتب المسلمين إلا بعد أن تولى المستعمرون على بلادهم، صحيح أنهم يعرفون هذا عن العجم، وربما يشيرون إليه في بعض الكتب، لكن كونه هو تاريخ البلاد الذي تتحدد فيه الآجال وغيرها هذا غير معروف عند المسلمين، ولكن على القاعدة المعروفة أن الضعيف يقلد القوي، صار الناس الآن يقلدون الأقوياء وإن كانوا على باطل إلا من عصم الله، قال: "ولا تلبس ثوبًا مصبوغًا إلا ثوب عصب" الثياب المصبوغة في عهد الرسول صلى الله عليه وسلم ثياب الزينة فلهذا نهى أن تلبس ثوبًا مصبوغًا فليبقى على ما هو عليه على ما نسج عليه إن كان من صوف أسود فهو أسود، وإن كان من وبر أحمر فهو أحمر، على ما هو عليه.

يقول "إلا ثوب عصب" وهذا ثياب معروفة عندهم تكون خيوطها من الأصل مصبوغة،

<<  <  ج: ص:  >  >>