للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

الشريعة شاملة لكن الناس يختلفون في العلم والفهم، قد يقصر علم الإنسان عن الإحاطة بالشريعة وهذا كثير، وقد يقصر فهمه عما أحاط به من الشريعة فيظن أن الشريعة مقصرة أو قاصرة في هذا الباب.

ومن فوائد هذا الحديث: تحريم أو كراهة اغتسال الإنسان وهو جنب في الماء الدائم، من أين يؤخذ؟ من النهي، وقد اختلف الأصوليون في النهي هل هو للكرامة أو التحريم، أو يفرق بين ما كان مبناه العبادة وما كان مبناه الأدب والنظافة، فالأول محرم، والثاني للكراهة.

قالوا: إنما كان النهي للتحريم؛ لأنه في جانب العبادة، والإنسان إنما خلق للعبادة، فلابد أن يحققها فعلا للمأمور وتركا للمحظور، أما العادات وما يعود للصحة والنظافة وما أشبه ذلك فيحمل على الكراهة، والمتأمل للأحاديث التي ورد فيها النهي يرى أن هذا القول أقرب ما يكون؛ لأنه يمر بك أحاديث فيها نهي ولم تكن للتحريم ولا يمكن أن تقول إنها للتحريم، ويمر بك أحاديث تقول إنها للتحريم فإذا وجد نهي مطلق غير مقرون بما يدل على أنه للتحريم، فأقرب الأقوال في ذلك الوسط أن ما كان شأنه شأن العبادة فهو للتحريم، وما كان للنظافة والعبادات وما أشبه ذلك فهو للكراهة.

ومن فوائد هذا الحديث: فوائد الاغتسال في الماء غير الدائم، والماء غير الدائم ينقسم إلى قسمين:

قسم: الآن يجري، كالأنهار والسواقي. السواقي التي تجري هذه تطهر منها الإنسان ولا إشكال في ذلك سواء [كان جنبا] أو غير جنب فينوي الاغتسال ويغتسل ينغمس فيها، ولكن لا شك أن الذي يجري سوف يتجدد الماء على البدن فهل نقول كل جرية تجزئ عن غسله؟

الجواب: نعم، كل جرية تجزئ عن غسله، ولهذا قال الموفق رحمه الله في "المغني": إن الرجل إذا حرك يده في الماء ثلاث مرات فقد غسلها ثلاثا؛ لأن الماء يتجدد بالحركة، إذا كان الماء يجري فكل جرية تغمر البدن تعتبر غسلة.

والقسم الثاني من الماء غير الدائم: الذي هو الآن راكد، لكن نعلم أنه سوف بفتح له بعد ساعة أو ساعتين ويمشي ويجري كما يوجد هذا في البرك - برك البساتين- تجد البركة الآن مملوكة لا تجري هي الآن لكنه سوف يفتحها من يلوث الماء ويوزعها على الحائط ويأتي ماء جديد، هل نجعل هذا من الدائم أو من الجاري؟ هذا من الجاري، هذا لا شك أنه من الجاري: لأن هذا الماء سوف يذهب.

إذن ما هو الماء الدائم؟ الماء الدائم: ما يكون في الغدران. أتعرفون الغدران؟ مستنقعات الأمطار، نعم هي دائمة؛ لأن المطر قد ينزل وقد لا ينزل، وقد يبقى الغدير دائما على هذا الوضع فهذا هو الذي ينطبق عليه الحديث.

<<  <  ج: ص:  >  >>