للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وقوله: "يؤمن بالله واليوم الآخر" هذا وصف يراد به التهييج والإغراء كما تقول لا ينبغي لرجل كريم أن يبخل على ضيفه فكلمة "كريم" يراد بها الإغراء والتهييج يعني أنه لإيمانه بالله واليوم الآخر بلا يليق به هذا الشيء ولا يعني أن هذا الوصف قيد فيكون الكافر يحل له ذلك وقوله: "بالله واليوم والآخر" الإيمان بالله يتضمن الإيمان بربوبيته وألوهيته وأسمائه وصفاته ويستلزم هذا الإيمان الإيمان بوجوده وعلى هذا فلا حاجة لذكر الوجود لأن الإيمان بهذه الثلاثة يستلزم وجوده والإيمان بالله عز وجل له مقتضيات كثيرة من الأعمال الصالحة ومنها هذا وقوله: "اليوم الآخر" هو الذي يبعث فيه الناس: يوم القيامة- أعاننا الله وإياكم عليه- وسمِّى الآخر؛ لأنه نهاية مراحل بني آدم، فالدور أربعة داره في بطن أمه، وداره في الدنيا، وداره في البرزخ، وداره الأخيرة إما الجنة وإما النار ولهذا يقال اليوم الآخر؛ لأنه لا يوجد مرحلة خامسة هي آخر المراحل فسمِّي اليوم الآخر.

يقول: "أن يسقي ماءه زرع غيره"، لو أخذنا بظاهر الحديث لكان فيه منع للإحسان لأن سقي الإنسان ماءه زرع غيره إحسان بل قد نهى النبي صلى الله عليه وسلم عن بيع فضل الماء وأن الإنسان إذا كان عنده فضل ماء فليمكِّن الناس منه لكن السياق يدل على أن المراد بالماء: ماء النطفة وبالزرع: الحمل والدليل على أن المراد بالزرع الحمل قوله تعالى: {نسآؤكم حرث لكم} والحرث موضع الزرع. إذن لا يحل لإنسان أن يجامع امرأة فيها حمل لغيره حتى وإن كانت زوجته فإنه لا يحل له أن يجامعها وفيه حمل لغيره.

توضيح: لو أن شخصًا وطئت زوجته بشبهة وحملت من الواطئ فالولد للواطئ وعليه فيجب على زوجها أن يتجنبه حتى تضع ولكنه يتجنب الوطء الذي يكون به السقي، أما المباشرة والنوم والتقبيل فلا يلزمه تجنبه، ويكون أيضًا الولد لغيره فيما لو تزوج امرأة مطلقة من غيره على أن عدتها انتهت ثم يتبين فيها حمل للزوج الأول فهنا يلزم الزوج الثاني أن يتجنبها لكن العقد هنا غير صحيح؛ لأن العدة لم تتم.

إذن نقول: انتظر حتى تضع ثم اعقد عليها؛ لأن العقد الأول غير صحيح، وقوله: "زرع غيره"، هل المراد بالغير هنا من يملك هذا الزرع أو عامًّا؟ يعني: هل المراد زرع غيره أن يكون الحمل ملكا للغير يعني: يلحق به وذلك في وطاء الشبهة هنا واضح أنه لا يجوز أن يجامع، لكن إذا حملت من زنا فهل يجوز أن يطأها الزوج أو لا؟ الولد الآن ليس للزاني الولد للفراش وللعاهر الحجر، فإن كان الزوج يعتقد أن هذا الولد ولده ويريد أن يستلحقه فهو ولده؛ لأن الواطئ لا يملك ولذلك كان القول الراجح أنه إذا زنت المرأة لا يجب على زوجها تجنبها ولا استبراؤها، بل له أن يجامعها فورًا وهذا قد يكون أولى أن يجامعها فورًا؛ لئلا يقع اشتباه في

<<  <  ج: ص:  >  >>