يهتدي يسفه أو يرشد ما يهمه فإن حضانته تسقط، لأن الحضانة إنما ثبتت لحفظ المحضون، فإذا لم يكن للمحضون حق فيها فإنها تسقط، وقوله:"ما لم تنكحي"، هنا يسميها العلماء مصدرية؛ أي: مدة دوام عدم نكاحك، يعني: ما دمت لم تنكحي أحد.
فيستفاد من هذا الحديث: أولاً: ذكر الخصم ما يبرر خصومته ويرجح جانبه؛ لأن النبي صلى الله عليه وسلم أقرها.
ومن فوائده: أن لا يذم السجع إذا كان بحق، لأن هذه المرأة سجعت:"وعاء""سقاء""حواء" ولم ينكر عليها النبي صلى الله عليه وسلم، وأنكر على حمل بن النباغة حين قال: كيف أغرم من لا شرب، ولا أكل، ولا نطق، ولا استهل، فمثل ذلك يطل، فقال صلى الله عليه وسلم:"إنما هذا من إخوان الكهان" من أجل سجعه، وهنا لم يقل هذه المرأة من إخوان الكهان، والفرق ظاهر، لأن المرأة تطالبه بحق وذاك يريد أن يبطل حقا؛ فلذلك لم ينكر النبي صلى الله عليه وسلم فدل هذا على جواز السجع إذا لم يتوصل به إلى إبطال حق أو إحقاق باطل.
ومن فوائد هذا الحديث: جواز مخاصمة الزوجين بعضهما لبعض؛ لأن النبي صلى الله عليه وسلم لم ينكر على هذه المرأة هذا إذا كانت المسألة من باب الخصومة، أما إذا كانت من باب الاستفتاء كما استفتت هند بنت عتبة في شأنها مع زوجها أبي سفيان فإنه لا يدل على ذلك ولكن لو سئلنا هل يجوز للمرأة أن تطالب زوجها أو الزوجة أن يطالب امرأته بحق؟ فالجواب نعم يجوز ذلك؛ لأنه لا يمنع أحد من طلب الحق إنما الذي يمنع مطالبة الابن أو البنت أباهما فإنه لا يجوز لهما مطالبته؛ لأن له أن يمتلك من مالهما ما شاء إلا في حال واحدة استثناها العلماء وهي النفقة الواجبة فإن النفقة الواجبة للولد ذكرا كان أو أنثى أن يطالب أباها بها؛ لأن هذه لحفظ النفس وحفظ النفس ضرورة.
ومن فوائد الحديث: أن الأم مقدمة على الأب في الحضانة إلا إذا تزوجت لقوله: "أنت أحق به ما لم تنكحي".
ومن فوئد الحديث: الإشارة إلى أن أهم مقصود في الحضانة هي رعاية الطفل لقوله: "ما لم تنكحي" لأن الحكمة من سقوط حضانتها بنكاحها انشغالها بالزوج وضيق الزوج ذرعا بالولد.
ومن فوائد الحديث: أن الحضانة تسقط ولو رضي الزوج بذلك أي بحضانتها بأن شرط عليه بأن تبقى حضانتها لولدها من الزوج السابق فرضي فإنها ليست أحق به، لعموم قوله:"ما لم تنكحي" ولأن الزوج ربما يرضى عن إكراه في أول الأمر ثم تختلف الحال.